Logo_Header
bg
Nuclear personality before nuclear plant i don't charge for being fair
HAPPY SUPPLIER +
HAPPY OWNER =
SUCCESSFUL PROJECT
اياك أعني يا جارة
6 June 2023

اياك أعني يا جارة!

بقلم: خالد الخاجة

 

لابد من التواضع و الانصاف عند دراسة ثقافات الشعوب و الملل التي تختلف عنا، و لابد أن نخاطبهم و كأننا نخاطب أنفسنا، و تماماً  كما نود أن تخاطبنا تلك الملل. فلابد من التواضع و الانصاف:

  • أ- إن أردنا أن نقارن ثقافتنا بثقافتهم، اذ لا يصح أن نتعامل مع ثقافتنا بقلوبنا و نتعامل مع ثقافتهم بعقولنا.
  • ب- و لابد من التواضع و الانصاف اذا اردنا أن نقارن أنفسنا بهم، اذ علينا أن نقيس و نقارن مدى استقامتنا على مبادئنا و مدى استقامتهم على مبادئهم.

فمن الجور أن نحكم على الملل الأخرى بقياس مدى استقامتهم على مبادئنا، و من الجور أن يفعل غيرنا بنا ذلك. فلابد من العدالة عند الدراسة، مهما بدت تلك الثقافات غريبة علينا. فهذا سبيل كل باحث جاد عن الحقيقة.

و اعلم أن في الاستقامة على المبادئ تكمن نقطة ضعف كل الملل و الشعوب. أما الثقافات بحد ذاتها، فتكاد قيمها أن تكون متقاربة نسبياً، و إن وجدت بعض الاختلافات الجذرية. فما أسهل الخطابات و الشعارات، و ما أصعب الاستقامة عليها!

و على سبيل المثال، ثقافة رواد القرون الخيرية و الامة الإسلامية الأولى (الصحابة رضوان الله عليهم)، كانت تشبه لحد ما الثقافة الفرنسية في محاربتها للحجاب. فقد كان روادنا يمنعون الحجاب على الأَمَة (العبدة) المسلمة، أي أن الأَمَة المسلمة كانت ملزمة في زمن القرون الخيرية أن لا تتستر، بل كان عليها أن تكشف عن شعرها في الأسواق. ببساطة، هكذا كانت ثقافة الأمة الإسلامية الأولى في القرون الخيرية، و ما زالت هذه القيم و الأحكام جزء لا يتجزأ من الفقه الإسلامي، و انا اتفهمها و اتفق معها و افتخر بها لأسباب سأبينها لاحقاً!

لذا، و من حيث المبدأ، إن أردنا أن نخاطب الفرنسيين و ننتقد موقفهم السلبي من مسألة الحجاب، فلا يمكننا أن ننتقدهم من باب عدم مراعاتهم لأهمية الحجاب و الحشمة. فالشريعة الإسلامية أيضا لا تراعي أهمية لحجاب الأَمَة المسلمة، و لا فرق بين الحرة المسلمة و الأَمَة المسلمة في الجنس، فكلاهن إناث.

إلا أن هناك فارق كبير بين موقف رواد الثقافة الإسلامية في القرون الخيرية و موقف رواد الثقافة الفرنسية اليوم. فبينما كانت للأمة الإسلامية الأولى مصداقية (الاستقامة على مبادئهم الدينية و المبنية على سعادة المجتمع)، لا أجد مصداقية لدى رواد الثقافة الفرنسية (الاستقامة على مبادئهم الديمقراطية الليبرالية و المبنية على سعادة الفرد). أي أن رواد الأمة الاسلامية نجحت في استقامتها (مصداقيتها)، من حيث رسبت رواد الأمة الفرنسية.

فالتشريعات الإسلامية التي كانت تلزم الأمَة المسلمة بالتبرج في عصر الصحابة رضوان الله عليهم، كانت عالمية و دارجة في زمنهم بين كل الشعوب و الملل. إلا ان عند المقارنة، نجد أن القوانين الاسلامية المتعلقة بالرق قد تم اصلاحها لتتميز في زمانها عن سواها لدى الشعوب و الملل الاخرى. فقد كانت القوانين الإسلامية في الرِّق أكثر رُقيّاً و انسانية اذا ما قورنت بقوانين الرق الهمجية لدى الشعوب الاخرى. و لهذا، انا اتفهم التشريعات الإسلامية الاصلاحية و اتفق معها و افتخر بها!

المهم، أن المسلمون إستقاموا في تطبيق قوانينهم بعدالة و دون تمييز، و هذا ما لا نجده عند الفرنسيين. فبالرغم من أن القوانين الفرنسية المناهضة للحجاب في ظاهرها عامة و تشمل محاربة كافة الرموز الدينية، إلا أن المنصف لا يجد صعوبة في كشف عشوائيتها و إستهدافها للجالية المسلمة بالذات و دون غيرها، و هذا التمييز يقدح في مصداقيتهم و إستقامتهم على مبادئهم الديمقراطية الليبرالية. فما الفائدة المرجوة من مبادئ جميلة جف حبرها و لم يتم الاستقامة عليها، و بقت مجرد شعارات فارغة؟!

إذاً، عندما نخاطب التجربة الفرنسية، يمكننا أن نطعن في مصداقية الحكومة الفرنسية لكيلها بمكيالين و تخبطها في الاستقامة على مبادئها الديمقراطية الليبرالية. ولكن، لا يصح أن نخاطبهم بموجب مبادئنا و انظمتنا الإسلامية و المناهضة للمبادئ الليبرالية.

و كذلك، عند مقارنة الديانة الاسلامية بغيرها، لابد من التفريق بين الخطاب الدعوي الداخلي (الموجه للمسلمين) و الخطاب الدعوي الخارجي (الموجه لغير المسلمين). فعند مخاطبة الملل الاخرى في دينها، من التواضع و الانصاف أن نستند الى كتبهم المقدسة و ليس كتبنا، كما يفعل الشيخ زاكر نايك حفظه الله، عندما يكشف أن عامة الهندوس يخالفون كتبهم المقدسة، و نصوص صريحة تدعوا الى التوحيد و تمنع عبادة الاصنام و اتخاذ صور كأرباب من دون الله جل جلاله. و يكشف كذلك بأن عامة النصارى يخالفون كتبهم المقدسة، و نصوص صريحة تدعوا الى التوحيد و تقدم عيسى عليه الصلاة و السلام لهم كبشر و نبي، و ليس كابن الله و العياذ بالله. هذه أمثلة جميلة من موروثهم الديني و الدالة على عدم إستقامة عامة الهندوس على التعاليم الهندوسية، و عدم إستقامة عامة النصارى على التعاليم النصرانية.

و عليه، علينا كمسلمين أن نسعد إن خاطبتنا و إنتقدتنا الملل الاخرى و كشفت مخالفاتنا لكتبنا المقدسة (القرآن و السنة الصحيحة)، و نصوص صريحة تدل على عدم استقامتنا كمسلمين على التعاليم الإسلامية. لا أن ينتقدونا بسبب عدم استقامتنا على مبادئ و ممارسات و ثقافات و قوانين ليبرالية تروق لهم، و تبدوا لنا شاذة و قبيحة!

فهل ترين ما أرى؟!

2 Arabs
3 Others
4 Muslims
6 بالعربية
bg
Logo_Header
The latest articles
اياك أعني يا جارة
6 June 2023

اياك أعني يا جارة!

بقلم: خالد الخاجة

 

لابد من التواضع و الانصاف عند دراسة ثقافات الشعوب و الملل التي تختلف عنا، و لابد أن نخاطبهم و كأننا نخاطب أنفسنا، و تماماً  كما نود أن تخاطبنا تلك الملل. فلابد من التواضع و الانصاف:

  • أ- إن أردنا أن نقارن ثقافتنا بثقافتهم، اذ لا يصح أن نتعامل مع ثقافتنا بقلوبنا و نتعامل مع ثقافتهم بعقولنا.
  • ب- و لابد من التواضع و الانصاف اذا اردنا أن نقارن أنفسنا بهم، اذ علينا أن نقيس و نقارن مدى استقامتنا على مبادئنا و مدى استقامتهم على مبادئهم.

فمن الجور أن نحكم على الملل الأخرى بقياس مدى استقامتهم على مبادئنا، و من الجور أن يفعل غيرنا بنا ذلك. فلابد من العدالة عند الدراسة، مهما بدت تلك الثقافات غريبة علينا. فهذا سبيل كل باحث جاد عن الحقيقة.

و اعلم أن في الاستقامة على المبادئ تكمن نقطة ضعف كل الملل و الشعوب. أما الثقافات بحد ذاتها، فتكاد قيمها أن تكون متقاربة نسبياً، و إن وجدت بعض الاختلافات الجذرية. فما أسهل الخطابات و الشعارات، و ما أصعب الاستقامة عليها!

و على سبيل المثال، ثقافة رواد القرون الخيرية و الامة الإسلامية الأولى (الصحابة رضوان الله عليهم)، كانت تشبه لحد ما الثقافة الفرنسية في محاربتها للحجاب. فقد كان روادنا يمنعون الحجاب على الأَمَة (العبدة) المسلمة، أي أن الأَمَة المسلمة كانت ملزمة في زمن القرون الخيرية أن لا تتستر، بل كان عليها أن تكشف عن شعرها في الأسواق. ببساطة، هكذا كانت ثقافة الأمة الإسلامية الأولى في القرون الخيرية، و ما زالت هذه القيم و الأحكام جزء لا يتجزأ من الفقه الإسلامي، و انا اتفهمها و اتفق معها و افتخر بها لأسباب سأبينها لاحقاً!

لذا، و من حيث المبدأ، إن أردنا أن نخاطب الفرنسيين و ننتقد موقفهم السلبي من مسألة الحجاب، فلا يمكننا أن ننتقدهم من باب عدم مراعاتهم لأهمية الحجاب و الحشمة. فالشريعة الإسلامية أيضا لا تراعي أهمية لحجاب الأَمَة المسلمة، و لا فرق بين الحرة المسلمة و الأَمَة المسلمة في الجنس، فكلاهن إناث.

إلا أن هناك فارق كبير بين موقف رواد الثقافة الإسلامية في القرون الخيرية و موقف رواد الثقافة الفرنسية اليوم. فبينما كانت للأمة الإسلامية الأولى مصداقية (الاستقامة على مبادئهم الدينية و المبنية على سعادة المجتمع)، لا أجد مصداقية لدى رواد الثقافة الفرنسية (الاستقامة على مبادئهم الديمقراطية الليبرالية و المبنية على سعادة الفرد). أي أن رواد الأمة الاسلامية نجحت في استقامتها (مصداقيتها)، من حيث رسبت رواد الأمة الفرنسية.

فالتشريعات الإسلامية التي كانت تلزم الأمَة المسلمة بالتبرج في عصر الصحابة رضوان الله عليهم، كانت عالمية و دارجة في زمنهم بين كل الشعوب و الملل. إلا ان عند المقارنة، نجد أن القوانين الاسلامية المتعلقة بالرق قد تم اصلاحها لتتميز في زمانها عن سواها لدى الشعوب و الملل الاخرى. فقد كانت القوانين الإسلامية في الرِّق أكثر رُقيّاً و انسانية اذا ما قورنت بقوانين الرق الهمجية لدى الشعوب الاخرى. و لهذا، انا اتفهم التشريعات الإسلامية الاصلاحية و اتفق معها و افتخر بها!

المهم، أن المسلمون إستقاموا في تطبيق قوانينهم بعدالة و دون تمييز، و هذا ما لا نجده عند الفرنسيين. فبالرغم من أن القوانين الفرنسية المناهضة للحجاب في ظاهرها عامة و تشمل محاربة كافة الرموز الدينية، إلا أن المنصف لا يجد صعوبة في كشف عشوائيتها و إستهدافها للجالية المسلمة بالذات و دون غيرها، و هذا التمييز يقدح في مصداقيتهم و إستقامتهم على مبادئهم الديمقراطية الليبرالية. فما الفائدة المرجوة من مبادئ جميلة جف حبرها و لم يتم الاستقامة عليها، و بقت مجرد شعارات فارغة؟!

إذاً، عندما نخاطب التجربة الفرنسية، يمكننا أن نطعن في مصداقية الحكومة الفرنسية لكيلها بمكيالين و تخبطها في الاستقامة على مبادئها الديمقراطية الليبرالية. ولكن، لا يصح أن نخاطبهم بموجب مبادئنا و انظمتنا الإسلامية و المناهضة للمبادئ الليبرالية.

و كذلك، عند مقارنة الديانة الاسلامية بغيرها، لابد من التفريق بين الخطاب الدعوي الداخلي (الموجه للمسلمين) و الخطاب الدعوي الخارجي (الموجه لغير المسلمين). فعند مخاطبة الملل الاخرى في دينها، من التواضع و الانصاف أن نستند الى كتبهم المقدسة و ليس كتبنا، كما يفعل الشيخ زاكر نايك حفظه الله، عندما يكشف أن عامة الهندوس يخالفون كتبهم المقدسة، و نصوص صريحة تدعوا الى التوحيد و تمنع عبادة الاصنام و اتخاذ صور كأرباب من دون الله جل جلاله. و يكشف كذلك بأن عامة النصارى يخالفون كتبهم المقدسة، و نصوص صريحة تدعوا الى التوحيد و تقدم عيسى عليه الصلاة و السلام لهم كبشر و نبي، و ليس كابن الله و العياذ بالله. هذه أمثلة جميلة من موروثهم الديني و الدالة على عدم إستقامة عامة الهندوس على التعاليم الهندوسية، و عدم إستقامة عامة النصارى على التعاليم النصرانية.

و عليه، علينا كمسلمين أن نسعد إن خاطبتنا و إنتقدتنا الملل الاخرى و كشفت مخالفاتنا لكتبنا المقدسة (القرآن و السنة الصحيحة)، و نصوص صريحة تدل على عدم استقامتنا كمسلمين على التعاليم الإسلامية. لا أن ينتقدونا بسبب عدم استقامتنا على مبادئ و ممارسات و ثقافات و قوانين ليبرالية تروق لهم، و تبدوا لنا شاذة و قبيحة!

فهل ترين ما أرى؟!

URL copied to clipboard!