Logo_Header
bg
Nuclear personality before nuclear plant i don't charge for being fair
HAPPY SUPPLIER +
HAPPY OWNER =
SUCCESSFUL PROJECT
التواضع، سر نجاح الامبراطورية العربية (الاسلامية)
7 April 2023

التواضع، سر نجاح الإمبراطورية العربية (الاسلامية)

بقلم: خالد الخاجه

يقول الدكتور روي كاساغراندا (Roy Casagranda)، بروفيسور في اوستن كوميونيتي كوليدج بالولايات المتحدة الامريكية:

ولدت الإمبراطورية العربية (الاسلامية) في عام 632 ميلادية، حين اتحدت شبه الجزيرة العربية بأكملها لأول مرة في التاريخ!

و بحلول عام 711 ميلادية، كان لدى الإمبراطورية العربية (الاسلامية) أغلبية مسيحية بنسبة 60٪. في الواقع، كان 60٪ من إجمالي السكان المسيحيين في العالم متواجدون في هذه الإمبراطورية العربية الفتية، بالاضافة الى أقلية بوذية تقدر ما بين 5 إلى 10٪، اذ كانت لدى أفغانستان آن ذاك حضور بوذي ضخم!

و في هذه التركيبة السكانية، إشارة صريحة على تسامح و تواضع تلك الامبراطورية العربية (الاسلامية) مع الثقافات الاخرى، و تميزها في قيادة أمة متعددة الاعراق و الثقافات!

فقد جرت العادة أن يكون الغزاة متعجرفين وساديين، مثل الرومان. و على سبيل المثال، بعد سيطرة الجنرال الروماني يوليوس قيصر على الغال (Gaul) في فرنسا، انخفض عدد سكانها من 3 إلى 1 مليون (و كذلك بعد سيطرة الاسكندر الاكبر على العاصمة الفارسية بيرسبوليس، قام باحراق قصر الملك داريوش). هذا ما فعله الغزاة في كثير من الأحيان.

أقول: و هذا مصداقاً لقوله تعالى في سورة الانعام، الآية 34: {قَالَتۡ إِنَّ ٱلۡمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا۟ قَرۡیَةً أَفۡسَدُوهَا وَجَعَلُوۤا۟ أَعِزَّةَ أَهۡلِهَاۤ أَذِلَّةࣰۚ وَكَذَ ٰ⁠لِكَ یَفۡعَلُونَ}

ثم يقول الدكتور روي كاساغراندا: بينما كان العرب متواضعون بشأن هذا الأمر، و تركوا الأمم المحتلة تدير شؤونها الخاصة. لأن العرب اعترفوا بأنهم لا يعرفون كيف يفعلون ذلك، و لم تكن لديهم ميول خاصة. لهذا السبب و بكل ذكاء و تواضع، استخدمت الإمبراطورية العربية (الاسلامية) في العهد الاموي و لسنوات، العملات الرومانية التي كانت تُضرَب في غير بلاد المسلمين و طُبعت عليها صلبان متعددة!

و في هذا الصدد، يقول البروفسور جورج صليبا في بودكاست الفنجان:

لا يمكن إغفال دور بني أمية في تقوية الإمبراطورية العربية (الاسلامية) عسكرياً و مالياً، خاصة الدور السياسي للخليفة الاموي معاوية بن ابي سفيان (رضوان الله عليه) في تقوية و استقرار الإمبراطورية العربية و إدارة امورها بسياسة: الشَّعرَة، و الاخذ و العطاء!

و كذلك، لا يمكن إغفال الدور الاداري و المالي للخليفة الاموي عبدالملك بن مروان. فمنذ عهد الرسول صلى الله عليه و سلم، كان العرب و المسلمون يتعاملون بالدينار و الذهب البيزنطي. و كان من ذكائهم (تواضعهم)، الابقاء على الوضع الاقتصادي العام، بهدف المحافظة على النقد. الى أن كتب الإمبراطور البيزنطي الى عبدالملك بن مروان يهدده، عندما قال ما مفاده:

أنا لا أعترف برب المسلمين و لا في رسولهم. لذا، إذا لم تتوقف عن كتابة "بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة و السلام على محمد بن عبدالله" في بداية رسائلك الموجهة الي، فسأمنع عنكم الدينار الذهبي البيزنطي الذي تتداولون به في اسواقكم و معاملاتكم!

عندها، لجأ الخليفة الاموي عبدالملك بن مروان الى إبن عمه خالد بن يزيد بن معاوية، يستشيره في كيفية التعامل مع هذا التهديد الاقتصادي. و كان لخالد اهتمامات بعلم الكيمياء و علاقة العناصر ببعضها، فاقترح خالد على ابن عمه أن يَصُبُّوا ديناراً جديداً. إذ كان خالد يعرف التعامل مع الموازين الحساسة في تحديد نسبة الذهب المطلوب خلطه مع النحاس، لانتاج عملة ذهبية قيمتها ثابتة و صالحة للتداول بسبب صلابتها، فالذهب الخالص لا يصلح للتداول كعملة. و بالفعل، تم إصدار اول عملة للامبراطورية العربية (الاسلامية)، و هي موجودة الآن في المتحف البريطاني، و مكتوب على جهة: "الله الأحد الله الصمد، لم يلد و لم يولد"، و مكتوب على الوجه الآخر: "محمد رسول الله".

فاستحدث بني أمية بذلك عملة عربية إسلامية تضاهي العملة البيزنطية النصرانية، و التي كان على جهة منها صورة الإمبراطور البيزنطي، و في الجهة الاخرى صورة الصليب. و عليه، يُعَد ما فعله الخليفة الاموي عبدالملك بن مروان إستحداث لدولة جديدة و مستقلة إقتصادياً، و هذا ما يجعل الخليفة الاموي عبدالملك بن مروان من أهم خلفاء الإمبراطورية العربية (الاسلامية) القوية عسكرياً و إقتصادياً، و على استعداد للقيام بنهضة علمية مُكلِفة!

و إستمر بني امية باستحداث أنظمةٍ من شأنها تعزيز استقلالية الإمبراطورية العربية (الاسلامية). فلأكثر من 50 عاما (و بمنتهى التواضع)، تبنت دواوين الإمبراطورية العربية (الاسلامية) اللغة الساسانية (الفارسية القديمه) و حساباتها الخاصة، و كذلك اللغة البيزنطية و حساباتها الخاصة، عند التعامل مع الأموال التي كانت تدخل من الشرق و الغرب على خزانة الإمبراطورية العربية (الاسلامية).

الى أن قام الخليفة الاموي عبدالملك بن مروان بترجمة تلك الحسابات و "توحيدها"، و إستحدث بذلك امبراطورية لها انظمتها الادارية و الحسابية الخاصة، و القائمة على اللغة العربية.

و العباسيون أبقوا على تلك الأنظمة كما تركها الامويون، و لم يرجعوها الى سابق عهدها. و لذلك، يُعتبر العباسيون قد حصدوا ما أنتجه الامويون من أنظمة و إقتصاد و ثراء (استقرار و استقلال). و نتج من هذا الحصاد طفرة علمية لم يشهدها التاريخ!

إن مبادرة الأمويين في تعريب الانظمة أفقدت المتحدثين بالفارسية و اليونانية وظائفهم في الديوان. فاصبحوا يترزقون بالتنافس في ترجمة كل ما هو غير معلوم في الإمبراطورية العربية (الاسلامية) الى اللغة العربية. و نتج من هذا التنافس بداية عصر الترجمة، حيث تم ترجمة علوم فلكية و فلسفية و طبية و غيرها، و لم تبدأ الترجمة في العصر العباسي كما يتوهم البعض!

أقول: تجلت حس القيادة في بني أمية، باستمرارهم في ادارة موارد الامبراطورية العربية (الاسلامية) الفتية و تطوير سياساتها المالية تدريجياً بكل ذكاء و تواضع، الى أن بدأ الامويون في عهد عبدالملك بن مروان بطباعة عملة مستقلة للامبراطورية العربية (الاسلامية) و فك الارتباط بالعملة الرومانية.

و أدت مثل هذه السياسات المالية لبني أمية الى إثراء الامبراطورية العربية (الاسلامية)، ليأتي العباسيون من بعدهم ليتسلموا زمام هذه الامبراطورية العربية القوية و يستثمروا ثروتها في العلوم و الصناعة. فالحضارات تقوم على الاستقرار و الثروات، و بني أمية هم من وضعوا القواعد لبيت الحضارة العربية (الاسلامية)، و أتى العباسيون من بعدهم و رفعوا تلك القواعد!

2 Arabs
3 Others
4 Muslims
6 بالعربية
bg
Logo_Header
The latest articles
التواضع، سر نجاح الامبراطورية العربية (الاسلامية)
7 April 2023

التواضع، سر نجاح الإمبراطورية العربية (الاسلامية)

بقلم: خالد الخاجه

يقول الدكتور روي كاساغراندا (Roy Casagranda)، بروفيسور في اوستن كوميونيتي كوليدج بالولايات المتحدة الامريكية:

ولدت الإمبراطورية العربية (الاسلامية) في عام 632 ميلادية، حين اتحدت شبه الجزيرة العربية بأكملها لأول مرة في التاريخ!

و بحلول عام 711 ميلادية، كان لدى الإمبراطورية العربية (الاسلامية) أغلبية مسيحية بنسبة 60٪. في الواقع، كان 60٪ من إجمالي السكان المسيحيين في العالم متواجدون في هذه الإمبراطورية العربية الفتية، بالاضافة الى أقلية بوذية تقدر ما بين 5 إلى 10٪، اذ كانت لدى أفغانستان آن ذاك حضور بوذي ضخم!

و في هذه التركيبة السكانية، إشارة صريحة على تسامح و تواضع تلك الامبراطورية العربية (الاسلامية) مع الثقافات الاخرى، و تميزها في قيادة أمة متعددة الاعراق و الثقافات!

فقد جرت العادة أن يكون الغزاة متعجرفين وساديين، مثل الرومان. و على سبيل المثال، بعد سيطرة الجنرال الروماني يوليوس قيصر على الغال (Gaul) في فرنسا، انخفض عدد سكانها من 3 إلى 1 مليون (و كذلك بعد سيطرة الاسكندر الاكبر على العاصمة الفارسية بيرسبوليس، قام باحراق قصر الملك داريوش). هذا ما فعله الغزاة في كثير من الأحيان.

أقول: و هذا مصداقاً لقوله تعالى في سورة الانعام، الآية 34: {قَالَتۡ إِنَّ ٱلۡمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا۟ قَرۡیَةً أَفۡسَدُوهَا وَجَعَلُوۤا۟ أَعِزَّةَ أَهۡلِهَاۤ أَذِلَّةࣰۚ وَكَذَ ٰ⁠لِكَ یَفۡعَلُونَ}

ثم يقول الدكتور روي كاساغراندا: بينما كان العرب متواضعون بشأن هذا الأمر، و تركوا الأمم المحتلة تدير شؤونها الخاصة. لأن العرب اعترفوا بأنهم لا يعرفون كيف يفعلون ذلك، و لم تكن لديهم ميول خاصة. لهذا السبب و بكل ذكاء و تواضع، استخدمت الإمبراطورية العربية (الاسلامية) في العهد الاموي و لسنوات، العملات الرومانية التي كانت تُضرَب في غير بلاد المسلمين و طُبعت عليها صلبان متعددة!

و في هذا الصدد، يقول البروفسور جورج صليبا في بودكاست الفنجان:

لا يمكن إغفال دور بني أمية في تقوية الإمبراطورية العربية (الاسلامية) عسكرياً و مالياً، خاصة الدور السياسي للخليفة الاموي معاوية بن ابي سفيان (رضوان الله عليه) في تقوية و استقرار الإمبراطورية العربية و إدارة امورها بسياسة: الشَّعرَة، و الاخذ و العطاء!

و كذلك، لا يمكن إغفال الدور الاداري و المالي للخليفة الاموي عبدالملك بن مروان. فمنذ عهد الرسول صلى الله عليه و سلم، كان العرب و المسلمون يتعاملون بالدينار و الذهب البيزنطي. و كان من ذكائهم (تواضعهم)، الابقاء على الوضع الاقتصادي العام، بهدف المحافظة على النقد. الى أن كتب الإمبراطور البيزنطي الى عبدالملك بن مروان يهدده، عندما قال ما مفاده:

أنا لا أعترف برب المسلمين و لا في رسولهم. لذا، إذا لم تتوقف عن كتابة "بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة و السلام على محمد بن عبدالله" في بداية رسائلك الموجهة الي، فسأمنع عنكم الدينار الذهبي البيزنطي الذي تتداولون به في اسواقكم و معاملاتكم!

عندها، لجأ الخليفة الاموي عبدالملك بن مروان الى إبن عمه خالد بن يزيد بن معاوية، يستشيره في كيفية التعامل مع هذا التهديد الاقتصادي. و كان لخالد اهتمامات بعلم الكيمياء و علاقة العناصر ببعضها، فاقترح خالد على ابن عمه أن يَصُبُّوا ديناراً جديداً. إذ كان خالد يعرف التعامل مع الموازين الحساسة في تحديد نسبة الذهب المطلوب خلطه مع النحاس، لانتاج عملة ذهبية قيمتها ثابتة و صالحة للتداول بسبب صلابتها، فالذهب الخالص لا يصلح للتداول كعملة. و بالفعل، تم إصدار اول عملة للامبراطورية العربية (الاسلامية)، و هي موجودة الآن في المتحف البريطاني، و مكتوب على جهة: "الله الأحد الله الصمد، لم يلد و لم يولد"، و مكتوب على الوجه الآخر: "محمد رسول الله".

فاستحدث بني أمية بذلك عملة عربية إسلامية تضاهي العملة البيزنطية النصرانية، و التي كان على جهة منها صورة الإمبراطور البيزنطي، و في الجهة الاخرى صورة الصليب. و عليه، يُعَد ما فعله الخليفة الاموي عبدالملك بن مروان إستحداث لدولة جديدة و مستقلة إقتصادياً، و هذا ما يجعل الخليفة الاموي عبدالملك بن مروان من أهم خلفاء الإمبراطورية العربية (الاسلامية) القوية عسكرياً و إقتصادياً، و على استعداد للقيام بنهضة علمية مُكلِفة!

و إستمر بني امية باستحداث أنظمةٍ من شأنها تعزيز استقلالية الإمبراطورية العربية (الاسلامية). فلأكثر من 50 عاما (و بمنتهى التواضع)، تبنت دواوين الإمبراطورية العربية (الاسلامية) اللغة الساسانية (الفارسية القديمه) و حساباتها الخاصة، و كذلك اللغة البيزنطية و حساباتها الخاصة، عند التعامل مع الأموال التي كانت تدخل من الشرق و الغرب على خزانة الإمبراطورية العربية (الاسلامية).

الى أن قام الخليفة الاموي عبدالملك بن مروان بترجمة تلك الحسابات و "توحيدها"، و إستحدث بذلك امبراطورية لها انظمتها الادارية و الحسابية الخاصة، و القائمة على اللغة العربية.

و العباسيون أبقوا على تلك الأنظمة كما تركها الامويون، و لم يرجعوها الى سابق عهدها. و لذلك، يُعتبر العباسيون قد حصدوا ما أنتجه الامويون من أنظمة و إقتصاد و ثراء (استقرار و استقلال). و نتج من هذا الحصاد طفرة علمية لم يشهدها التاريخ!

إن مبادرة الأمويين في تعريب الانظمة أفقدت المتحدثين بالفارسية و اليونانية وظائفهم في الديوان. فاصبحوا يترزقون بالتنافس في ترجمة كل ما هو غير معلوم في الإمبراطورية العربية (الاسلامية) الى اللغة العربية. و نتج من هذا التنافس بداية عصر الترجمة، حيث تم ترجمة علوم فلكية و فلسفية و طبية و غيرها، و لم تبدأ الترجمة في العصر العباسي كما يتوهم البعض!

أقول: تجلت حس القيادة في بني أمية، باستمرارهم في ادارة موارد الامبراطورية العربية (الاسلامية) الفتية و تطوير سياساتها المالية تدريجياً بكل ذكاء و تواضع، الى أن بدأ الامويون في عهد عبدالملك بن مروان بطباعة عملة مستقلة للامبراطورية العربية (الاسلامية) و فك الارتباط بالعملة الرومانية.

و أدت مثل هذه السياسات المالية لبني أمية الى إثراء الامبراطورية العربية (الاسلامية)، ليأتي العباسيون من بعدهم ليتسلموا زمام هذه الامبراطورية العربية القوية و يستثمروا ثروتها في العلوم و الصناعة. فالحضارات تقوم على الاستقرار و الثروات، و بني أمية هم من وضعوا القواعد لبيت الحضارة العربية (الاسلامية)، و أتى العباسيون من بعدهم و رفعوا تلك القواعد!

URL copied to clipboard!