Logo_Header
bg
Nuclear personality before nuclear plant i don't charge for being fair
HAPPY SUPPLIER +
HAPPY OWNER =
SUCCESSFUL PROJECT
اعتقال سلمان العودة
9 May 2022

قمت بالتعليق على المقطع المرفق و الذي يتطرق الى اعتقال سلمان العودة بسبب تصريحاته. و يتم في المقطع الإشارة الى منهجية عمر بن الخطاب رضي الله عنه في إدارة محاربة الفساد و مقولته المعروفه: "من أين لك هذا؟".

فكتبت: رضينا بعمر بن الخطاب حكما. و لكن، ما هي منهجية عمر بن الخطاب رضي الله عنه في إدارة حرية التعبير؟ و هل كان سيرضى أن يتصدر الصحابة رضي الله عنهم التويتر و وسائل التواصل الاجتماعي و قناة الجزيره لمخاطبة العامة؟

ابحث في الأثر و ستكتشف أن علماء الصحوة كامثال سلمان العودة يعارضون نهج عمر رضي الله عنه في إدارة حرية التعبير و ستكتشف أن عمر رضي الله عنه كان سيؤيد قرار اعتقال سلمان العودة و من على شاكلته على يد السلطات السعودية، و كان عمر رضي الله عنه سيؤيد قرار منعهم من مخاطبة العامة.

فسلمان العودة و امثاله من علماء الصحوة لا يتبعون نهج عمر بن الخطاب رضي الله عنه و لكنهم يتبعون نهج الغرب المسيحي في ادارة حرية التعبير.

بعد يومين من كتابة تعليقي على هذا المقطع، وصل عدد التعليقات على ما سبق ذكره ١٢٥ ردا، كلها تدل على دهشة القراء و صدمتهم من قراءة طرح جديد. و لم أجد أحدا يريد أن يحاور و يبحث. و تنحصر الردود بين السب و الاستهزاء و شيطنتي، و القليل من من حاول أن يناقش قبل أن يفهم! و بالرغم من ذلك، قمت بالرد على غالبيتهم.

ايها الاخوة، الله جل جلاله سأل ابليس لماذا لم يسجد لآدم عليه السلام، و الله جل جلاله سأل آدم عندما عصاه و أكل من الشجرة. الله جل جلاله يسأل (و هو غني بعلمه عن السؤال) ليقيم الحجة قبل أن يحكم. الستم يا محبي سلمان العودة (هداه الله) اولى بأن تسألوا و تفهموا قبل أن تحكموا على طرحي؟

و ما قصة التناقض الذي تعيشونه؟ تطالبون بحرية التعبير و لكنكم تشيطنونني و تهاجمونني لمجرد أنني عبرت عن رايي! إنها سياسة الكيل بمكيالين و هي غريبة على أهل السنة و الجماعة.

و لكي اثبت أن علماء الصحوة (أمثال سلمان العودة) خالفوا منهج عمر بن الخطاب رضي الله عنه في ادارة حرية التعبير، ساستعين بروايتين من الأثر.

الرواية الاولى وردت في صحيح البخاري برقم ٦٨٣٠ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ كُنْتُ أُقْرِئُ رِجَالاً مِنَ الْمُهَاجِرِينَ مِنْهُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، فَبَيْنَمَا أَنَا فِي مَنْزِلِهِ بِمِنًى، وَهْوَ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي آخِرِ حَجَّةٍ حَجَّهَا، إِذْ رَجَعَ إِلَىَّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَقَالَ لَوْ رَأَيْتَ رَجُلاً أَتَى أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ الْيَوْمَ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَلْ لَكَ فِي فُلاَنٍ يَقُولُ لَوْ قَدْ مَاتَ عُمَرُ لَقَدْ بَايَعْتُ فُلاَنًا، فَوَاللَّهِ مَا كَانَتْ بَيْعَةُ أَبِي بَكْرٍ إِلاَّ فَلْتَةً، فَتَمَّتْ‏.‏ فَغَضِبَ عُمَرُ ثُمَّ قَالَ إِنِّي إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَقَائِمٌ الْعَشِيَّةَ فِي النَّاسِ، فَمُحَذِّرُهُمْ هَؤُلاَءِ الَّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَغْصِبُوهُمْ أُمُورَهُمْ‏.‏ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَقُلْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لاَ تَفْعَلْ فَإِنَّ الْمَوْسِمَ يَجْمَعُ رَعَاعَ النَّاسِ وَغَوْغَاءَهُمْ، فَإِنَّهُمْ هُمُ الَّذِينَ يَغْلِبُونَ عَلَى قُرْبِكَ حِينَ تَقُومُ فِي النَّاسِ، وَأَنَا أَخْشَى أَنْ تَقُومَ فَتَقُولَ مَقَالَةً يُطَيِّرُهَا عَنْكَ كُلُّ مُطَيِّرٍ، وَأَنْ لاَ يَعُوهَا، وَأَنْ لاَ يَضَعُوهَا عَلَى مَوَاضِعِهَا، فَأَمْهِلْ حَتَّى تَقْدَمَ الْمَدِينَةَ فَإِنَّهَا دَارُ الْهِجْرَةِ وَالسُّنَّةِ، فَتَخْلُصَ بِأَهْلِ الْفِقْهِ وَأَشْرَافِ النَّاسِ، فَتَقُولَ مَا قُلْتَ مُتَمَكِّنًا، فَيَعِي أَهْلُ الْعِلْمِ مَقَالَتَكَ، وَيَضَعُونَهَا عَلَى مَوَاضِعِهَا‏.‏ فَقَالَ عُمَرُ أَمَا وَاللَّهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لأَقُومَنَّ بِذَلِكَ أَوَّلَ مَقَامٍ أَقُومُهُ بِالْمَدِينَةِ‏.‏" الى آخر الرواية و هي طويلة و مهمة و أنصح بقرائتها.

ركز معي اخي الكريم الى نصيحة عبدالرحمن للخليفة عمر رضي الله عنهما إذ قال:

(يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لاَ تَفْعَلْ فَإِنَّ الْمَوْسِمَ يَجْمَعُ رَعَاعَ النَّاسِ وَغَوْغَاءَهُمْ، فَإِنَّهُمْ هُمُ الَّذِينَ يَغْلِبُونَ عَلَى قُرْبِكَ حِينَ تَقُومُ فِي النَّاسِ، وَأَنَا أَخْشَى أَنْ تَقُومَ فَتَقُولَ مَقَالَةً يُطَيِّرُهَا عَنْكَ كُلُّ مُطَيِّرٍ، وَأَنْ لاَ يَعُوهَا، وَأَنْ لاَ يَضَعُوهَا عَلَى مَوَاضِعِهَا، فَأَمْهِلْ حَتَّى تَقْدَمَ الْمَدِينَةَ فَإِنَّهَا دَارُ الْهِجْرَةِ وَالسُّنَّةِ، فَتَخْلُصَ بِأَهْلِ الْفِقْهِ وَأَشْرَافِ النَّاسِ، فَتَقُولَ مَا قُلْتَ مُتَمَكِّنًا، فَيَعِي أَهْلُ الْعِلْمِ مَقَالَتَكَ، وَيَضَعُونَهَا عَلَى مَوَاضِعِهَا‏.‏)

هنا ينصح الصحابي الخليفة عمر رضي الله عنه أن لا يخاطب "عامة" المسلمين في موسم الحج لأن بينهم الغوغاء و الرعاع. و ينصح عبدالرحمن الخليفة أن يُؤجل كلامه لحين يرجع الى المدينة حيث يتواجد كبار الصحابة و عقلاء الامة. فوافق الخليفة عمر رضي الله عنه مع هذا الراي الحكيم و أبى أن يخاطب عامة المسلمين (الغوغاء و الرعاع).

أليس من الإنصاف أن أستنتج من هذه الرواية أنَّ منهجية عمر بن الخطاب رضي الله عنه في ادارة حرية التعبير ترتكز على الحذر من مخاطبة "العامة" (الغوغاء و الرعاع) و أن يوجه خطابه بحذر الى أهل التخصص لكي لا يُسَاء فهمه و تنتشر الفتن و الفساد و عدم الإستقرار؟

و هذا بالضبط ما يتوقعه الأمير محمد بن سلمان من علماء الصحوة أمثال سلمان العودة. إلا أنَّ علماء الصحوة أمثال سلمان العودة (هداهم الله) لا يلتزمون بهذه المنهجية العمرية عندما يصرون على إعتلاء منابر الغرب المسيحي كالتويتر و منصات التواصل الاجتماعي و قناة الجزيره، ليخاطبوا عامة المسلمين (الغوغاء و الرعاع) و ينشروا الفتنة و الفُرقة!

ما يفعله علماء الصحوة هو ما يفعله الغرب المسيحي (الديمقراطي) من مخاطبة العامة و هذه المنهجية بعيدة كل البعد عن منهجية عمر رضي الله عنه في ادارة حرية التعبير. و قد بدأ الغرب المسيحي ينتبه الى الحاجة إلى ادارة حرية التعبير كما كان يصنع العبقري عمر بن الخطاب رضي الله عنه. و بينما يقوم الغرب المسيحي بتصحيح مساره، يصر علماء الصحوة أن يقلدوا منهجية الغرب المسيحي كالأعمى!

هنا اكون قد انتهيت من الرواية الأولى. و بقي أن أشرح رواية أخرى جدا مهمة و تأكد بأن الخليفة عمر رضي الله كان سيؤيد قرار الأمير محمد بن سلمان في اعتقال سلمان العودة و من على شاكلته من علماء الصحوة، ممن ينشرون الفتنة في المجتمع بتوجيه خطاباتهم للغوغاء و الرعاع (عامة المسلمين) بسبق إصرار و ترصد، و هذا بالضبط ما كان يخشاه عمر بن الخطاب رضي الله عنه كما يتضح في الرواية الثانية.

و الدليل الثاني مُوَضَّح في كتاب حياة الصحابة، تحت عنوان "حَصرُ مَن يَقَعُ منه الإنتشار في الأمة" حيث أخرج سيف، و إبن عساكر عن الشَّعْبي قال: لم يمت عمر رضي الله عنه حتى مَلَّته قريش، و قد كان حَصَرهم بالمدينة و أسبغ عليهم و قال: إنَّ أَخوَف ما أخاف على هذه الأمة إنتشاركم في البلاد، فإن كان الرجل يستأذنه في الغزو و هو ممن حُصِر في المدينة من المهاجرين - و لم يكن فعل ذلك بغيرهم من أهل مكة - فيقول: قد كان لك في غزوك مع النبي صلى الله عليه و سلم ما يبلغك، و خير لك من الغزو اليوم أن لا ترى الدنيا، و (لا) تراك. فلما وُلِيَ عثمان رضي الله عنه خلَّى عنهم فاضطربوا في البلاد و إنقطع إليهم الناس. قال محمد، و طلحة: فكان ذلك أول وَهْن دخل في الإِسلام، و أول فتنة كانت في العامّة ليس إلا ذلك. كذا في الكنز. و أخرجه الطبري من طريق سيف بنحوه.

و عند الحاكم عن قيس بن أبي حازم قال: جاء الزبير إلى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يستأذنه في الغزو، فقال عمر: إجلس في بيتك فقد غَزَوتَ مع رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: فَرَدَّد ذلك عليه، فقال له عمر في الثالثة أو التي تليه؛ إقعد في بيتك، فوالله إني لأجد بطرف المدينة منك و من أصحابك أن تخرجوا فتُفسدوا على أصحاب محمد صلى الله عليه و سلم" قال الذهبي: صحيح.

لاحظ ايها القارئ كيف كان عمر رضي الله عنه "يحصر" (أي يفرض الإقامة الجبرية) على المهاجرين من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم خوفا من إنتشارهم و التفاف "العامة" (الغوغاء و الرعاع) حولهم و التعبير لهم عن آرائهم الشخصية و التسبب في إثارة العامة و الفرقة بين المسلمين. كان عمر رضي الله عنه يصر على بقاء الصحابة حوله في المدينة خشية الفتنة.

أليس من الإنصاف أن نستنتج أن منهجية عمر بن الخطاب رضي الله عنه في ادارة حرية التعبير كانت تمنع الصحابة رضي الله عنهم من التصريح بآرائهم للعامة؟ أليس من الإنصاف أن أستنتج بأن عمر رضي الله عنه كان يسمح للصحابة بحرية التعبير و لكن فقط معه مباشرة و ليس للعامة من الغوغاء و الرعاع؟

أليس من الإنصاف أن أستنتج بأن عمر رضي الله عنه كان سيؤيد قرار الامير محمد بن سلمان في اعتقال علماء التويتر و منصات التواصل الاجتماعي و قناة الجزيره، و الذين يصرون جهلاً على توجيه خطاباتهم للعامة بغية تأليبهم على أنظمتهم الحاكمة؟

بهذا، نكون قد استنتجنا بأن منهجية عمر بن الخطاب رضي الله عنه في ادارة حرية التعبير قريبة من منهجية الأمير محمد بن سلمان و إن تلك المنهجية تنحصر في:

١- منع العلماء من مخاطبة العامة (الغوغاء و الرعاع ).

٢- جواز اعتقال من لا يعمل بهذه المنهجية

و عليه، قرار اعتقال سلمان العودة و امثاله (هداهم الله) من قبل السلطات السعودية صحيح و مطابق لمنهجية عمر رضي الله عنه في ادارة حرية التعبير.

تحياتي

https://fb.watch/cVhjLsdD7e/

2 Arabs
4 Muslims
6 بالعربية
bg
Logo_Header
The latest articles
اعتقال سلمان العودة
9 May 2022

قمت بالتعليق على المقطع المرفق و الذي يتطرق الى اعتقال سلمان العودة بسبب تصريحاته. و يتم في المقطع الإشارة الى منهجية عمر بن الخطاب رضي الله عنه في إدارة محاربة الفساد و مقولته المعروفه: "من أين لك هذا؟".

فكتبت: رضينا بعمر بن الخطاب حكما. و لكن، ما هي منهجية عمر بن الخطاب رضي الله عنه في إدارة حرية التعبير؟ و هل كان سيرضى أن يتصدر الصحابة رضي الله عنهم التويتر و وسائل التواصل الاجتماعي و قناة الجزيره لمخاطبة العامة؟

ابحث في الأثر و ستكتشف أن علماء الصحوة كامثال سلمان العودة يعارضون نهج عمر رضي الله عنه في إدارة حرية التعبير و ستكتشف أن عمر رضي الله عنه كان سيؤيد قرار اعتقال سلمان العودة و من على شاكلته على يد السلطات السعودية، و كان عمر رضي الله عنه سيؤيد قرار منعهم من مخاطبة العامة.

فسلمان العودة و امثاله من علماء الصحوة لا يتبعون نهج عمر بن الخطاب رضي الله عنه و لكنهم يتبعون نهج الغرب المسيحي في ادارة حرية التعبير.

بعد يومين من كتابة تعليقي على هذا المقطع، وصل عدد التعليقات على ما سبق ذكره ١٢٥ ردا، كلها تدل على دهشة القراء و صدمتهم من قراءة طرح جديد. و لم أجد أحدا يريد أن يحاور و يبحث. و تنحصر الردود بين السب و الاستهزاء و شيطنتي، و القليل من من حاول أن يناقش قبل أن يفهم! و بالرغم من ذلك، قمت بالرد على غالبيتهم.

ايها الاخوة، الله جل جلاله سأل ابليس لماذا لم يسجد لآدم عليه السلام، و الله جل جلاله سأل آدم عندما عصاه و أكل من الشجرة. الله جل جلاله يسأل (و هو غني بعلمه عن السؤال) ليقيم الحجة قبل أن يحكم. الستم يا محبي سلمان العودة (هداه الله) اولى بأن تسألوا و تفهموا قبل أن تحكموا على طرحي؟

و ما قصة التناقض الذي تعيشونه؟ تطالبون بحرية التعبير و لكنكم تشيطنونني و تهاجمونني لمجرد أنني عبرت عن رايي! إنها سياسة الكيل بمكيالين و هي غريبة على أهل السنة و الجماعة.

و لكي اثبت أن علماء الصحوة (أمثال سلمان العودة) خالفوا منهج عمر بن الخطاب رضي الله عنه في ادارة حرية التعبير، ساستعين بروايتين من الأثر.

الرواية الاولى وردت في صحيح البخاري برقم ٦٨٣٠ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ كُنْتُ أُقْرِئُ رِجَالاً مِنَ الْمُهَاجِرِينَ مِنْهُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، فَبَيْنَمَا أَنَا فِي مَنْزِلِهِ بِمِنًى، وَهْوَ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي آخِرِ حَجَّةٍ حَجَّهَا، إِذْ رَجَعَ إِلَىَّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَقَالَ لَوْ رَأَيْتَ رَجُلاً أَتَى أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ الْيَوْمَ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَلْ لَكَ فِي فُلاَنٍ يَقُولُ لَوْ قَدْ مَاتَ عُمَرُ لَقَدْ بَايَعْتُ فُلاَنًا، فَوَاللَّهِ مَا كَانَتْ بَيْعَةُ أَبِي بَكْرٍ إِلاَّ فَلْتَةً، فَتَمَّتْ‏.‏ فَغَضِبَ عُمَرُ ثُمَّ قَالَ إِنِّي إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَقَائِمٌ الْعَشِيَّةَ فِي النَّاسِ، فَمُحَذِّرُهُمْ هَؤُلاَءِ الَّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَغْصِبُوهُمْ أُمُورَهُمْ‏.‏ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَقُلْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لاَ تَفْعَلْ فَإِنَّ الْمَوْسِمَ يَجْمَعُ رَعَاعَ النَّاسِ وَغَوْغَاءَهُمْ، فَإِنَّهُمْ هُمُ الَّذِينَ يَغْلِبُونَ عَلَى قُرْبِكَ حِينَ تَقُومُ فِي النَّاسِ، وَأَنَا أَخْشَى أَنْ تَقُومَ فَتَقُولَ مَقَالَةً يُطَيِّرُهَا عَنْكَ كُلُّ مُطَيِّرٍ، وَأَنْ لاَ يَعُوهَا، وَأَنْ لاَ يَضَعُوهَا عَلَى مَوَاضِعِهَا، فَأَمْهِلْ حَتَّى تَقْدَمَ الْمَدِينَةَ فَإِنَّهَا دَارُ الْهِجْرَةِ وَالسُّنَّةِ، فَتَخْلُصَ بِأَهْلِ الْفِقْهِ وَأَشْرَافِ النَّاسِ، فَتَقُولَ مَا قُلْتَ مُتَمَكِّنًا، فَيَعِي أَهْلُ الْعِلْمِ مَقَالَتَكَ، وَيَضَعُونَهَا عَلَى مَوَاضِعِهَا‏.‏ فَقَالَ عُمَرُ أَمَا وَاللَّهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لأَقُومَنَّ بِذَلِكَ أَوَّلَ مَقَامٍ أَقُومُهُ بِالْمَدِينَةِ‏.‏" الى آخر الرواية و هي طويلة و مهمة و أنصح بقرائتها.

ركز معي اخي الكريم الى نصيحة عبدالرحمن للخليفة عمر رضي الله عنهما إذ قال:

(يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لاَ تَفْعَلْ فَإِنَّ الْمَوْسِمَ يَجْمَعُ رَعَاعَ النَّاسِ وَغَوْغَاءَهُمْ، فَإِنَّهُمْ هُمُ الَّذِينَ يَغْلِبُونَ عَلَى قُرْبِكَ حِينَ تَقُومُ فِي النَّاسِ، وَأَنَا أَخْشَى أَنْ تَقُومَ فَتَقُولَ مَقَالَةً يُطَيِّرُهَا عَنْكَ كُلُّ مُطَيِّرٍ، وَأَنْ لاَ يَعُوهَا، وَأَنْ لاَ يَضَعُوهَا عَلَى مَوَاضِعِهَا، فَأَمْهِلْ حَتَّى تَقْدَمَ الْمَدِينَةَ فَإِنَّهَا دَارُ الْهِجْرَةِ وَالسُّنَّةِ، فَتَخْلُصَ بِأَهْلِ الْفِقْهِ وَأَشْرَافِ النَّاسِ، فَتَقُولَ مَا قُلْتَ مُتَمَكِّنًا، فَيَعِي أَهْلُ الْعِلْمِ مَقَالَتَكَ، وَيَضَعُونَهَا عَلَى مَوَاضِعِهَا‏.‏)

هنا ينصح الصحابي الخليفة عمر رضي الله عنه أن لا يخاطب "عامة" المسلمين في موسم الحج لأن بينهم الغوغاء و الرعاع. و ينصح عبدالرحمن الخليفة أن يُؤجل كلامه لحين يرجع الى المدينة حيث يتواجد كبار الصحابة و عقلاء الامة. فوافق الخليفة عمر رضي الله عنه مع هذا الراي الحكيم و أبى أن يخاطب عامة المسلمين (الغوغاء و الرعاع).

أليس من الإنصاف أن أستنتج من هذه الرواية أنَّ منهجية عمر بن الخطاب رضي الله عنه في ادارة حرية التعبير ترتكز على الحذر من مخاطبة "العامة" (الغوغاء و الرعاع) و أن يوجه خطابه بحذر الى أهل التخصص لكي لا يُسَاء فهمه و تنتشر الفتن و الفساد و عدم الإستقرار؟

و هذا بالضبط ما يتوقعه الأمير محمد بن سلمان من علماء الصحوة أمثال سلمان العودة. إلا أنَّ علماء الصحوة أمثال سلمان العودة (هداهم الله) لا يلتزمون بهذه المنهجية العمرية عندما يصرون على إعتلاء منابر الغرب المسيحي كالتويتر و منصات التواصل الاجتماعي و قناة الجزيره، ليخاطبوا عامة المسلمين (الغوغاء و الرعاع) و ينشروا الفتنة و الفُرقة!

ما يفعله علماء الصحوة هو ما يفعله الغرب المسيحي (الديمقراطي) من مخاطبة العامة و هذه المنهجية بعيدة كل البعد عن منهجية عمر رضي الله عنه في ادارة حرية التعبير. و قد بدأ الغرب المسيحي ينتبه الى الحاجة إلى ادارة حرية التعبير كما كان يصنع العبقري عمر بن الخطاب رضي الله عنه. و بينما يقوم الغرب المسيحي بتصحيح مساره، يصر علماء الصحوة أن يقلدوا منهجية الغرب المسيحي كالأعمى!

هنا اكون قد انتهيت من الرواية الأولى. و بقي أن أشرح رواية أخرى جدا مهمة و تأكد بأن الخليفة عمر رضي الله كان سيؤيد قرار الأمير محمد بن سلمان في اعتقال سلمان العودة و من على شاكلته من علماء الصحوة، ممن ينشرون الفتنة في المجتمع بتوجيه خطاباتهم للغوغاء و الرعاع (عامة المسلمين) بسبق إصرار و ترصد، و هذا بالضبط ما كان يخشاه عمر بن الخطاب رضي الله عنه كما يتضح في الرواية الثانية.

و الدليل الثاني مُوَضَّح في كتاب حياة الصحابة، تحت عنوان "حَصرُ مَن يَقَعُ منه الإنتشار في الأمة" حيث أخرج سيف، و إبن عساكر عن الشَّعْبي قال: لم يمت عمر رضي الله عنه حتى مَلَّته قريش، و قد كان حَصَرهم بالمدينة و أسبغ عليهم و قال: إنَّ أَخوَف ما أخاف على هذه الأمة إنتشاركم في البلاد، فإن كان الرجل يستأذنه في الغزو و هو ممن حُصِر في المدينة من المهاجرين - و لم يكن فعل ذلك بغيرهم من أهل مكة - فيقول: قد كان لك في غزوك مع النبي صلى الله عليه و سلم ما يبلغك، و خير لك من الغزو اليوم أن لا ترى الدنيا، و (لا) تراك. فلما وُلِيَ عثمان رضي الله عنه خلَّى عنهم فاضطربوا في البلاد و إنقطع إليهم الناس. قال محمد، و طلحة: فكان ذلك أول وَهْن دخل في الإِسلام، و أول فتنة كانت في العامّة ليس إلا ذلك. كذا في الكنز. و أخرجه الطبري من طريق سيف بنحوه.

و عند الحاكم عن قيس بن أبي حازم قال: جاء الزبير إلى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يستأذنه في الغزو، فقال عمر: إجلس في بيتك فقد غَزَوتَ مع رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: فَرَدَّد ذلك عليه، فقال له عمر في الثالثة أو التي تليه؛ إقعد في بيتك، فوالله إني لأجد بطرف المدينة منك و من أصحابك أن تخرجوا فتُفسدوا على أصحاب محمد صلى الله عليه و سلم" قال الذهبي: صحيح.

لاحظ ايها القارئ كيف كان عمر رضي الله عنه "يحصر" (أي يفرض الإقامة الجبرية) على المهاجرين من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم خوفا من إنتشارهم و التفاف "العامة" (الغوغاء و الرعاع) حولهم و التعبير لهم عن آرائهم الشخصية و التسبب في إثارة العامة و الفرقة بين المسلمين. كان عمر رضي الله عنه يصر على بقاء الصحابة حوله في المدينة خشية الفتنة.

أليس من الإنصاف أن نستنتج أن منهجية عمر بن الخطاب رضي الله عنه في ادارة حرية التعبير كانت تمنع الصحابة رضي الله عنهم من التصريح بآرائهم للعامة؟ أليس من الإنصاف أن أستنتج بأن عمر رضي الله عنه كان يسمح للصحابة بحرية التعبير و لكن فقط معه مباشرة و ليس للعامة من الغوغاء و الرعاع؟

أليس من الإنصاف أن أستنتج بأن عمر رضي الله عنه كان سيؤيد قرار الامير محمد بن سلمان في اعتقال علماء التويتر و منصات التواصل الاجتماعي و قناة الجزيره، و الذين يصرون جهلاً على توجيه خطاباتهم للعامة بغية تأليبهم على أنظمتهم الحاكمة؟

بهذا، نكون قد استنتجنا بأن منهجية عمر بن الخطاب رضي الله عنه في ادارة حرية التعبير قريبة من منهجية الأمير محمد بن سلمان و إن تلك المنهجية تنحصر في:

١- منع العلماء من مخاطبة العامة (الغوغاء و الرعاع ).

٢- جواز اعتقال من لا يعمل بهذه المنهجية

و عليه، قرار اعتقال سلمان العودة و امثاله (هداهم الله) من قبل السلطات السعودية صحيح و مطابق لمنهجية عمر رضي الله عنه في ادارة حرية التعبير.

تحياتي

https://fb.watch/cVhjLsdD7e/

URL copied to clipboard!