الخلق من العدم
مع الدكتور باسل الطائي، و هو أستاذ الفيزياء الكونية في جامعة اليرموك بالاردن، و هو من بحث في بريطانيا، و تحت إشراف العالم ستيوارت داوكر (الذي اشتهر بحل المسائل المعقدة في الفيزياء الرياضية) حساب طاقة العدم التي خلق منها الكون، و الذي من خلاله اكد بأن الكون خلق من العدم. و كان عنوان رسالته بالتحديد:
Vacuum Energy in Einstein Universe
و للدكتور باسل الطائي إجابتين (قديمة و حديثة) على السؤال التالي: هل الخلق جاء من العدم أم من مادة كانت موجودة سابقاً؟ الاجابة الأولى و القديمة (الفلسفية) هي: في الماضي كان هناك رأيان في هذا الصدد، لفلاسفة غير مؤمنين و فلاسفة مؤمنين.
الراي الأول للفلاسفة أو العلماء الغير مؤمنين، و هم القائلين بأن الكون خُلِقَ من شيء، و هذا رأي القائلين "بقِدَم الكون"، أي أن الكون ليس له بداية في الزمان. و الفلاسفة اليونانيون كانوا يتزعمون هذا الرأي و على رأسهم ارسطوا، و تبعه أيضا فلاسفة المسلمين كابن سينا و الفارابي و إبن الرشد (و إن لم يصرح الاخير بقدم الكون، ولكنه لم يمنعه).
أما الراي الثاني للمتكلمين من علماء المسلمين ( الفلاسفة المؤمنين)، و الذين قالوا بخلق الكون من لا شيء، أي أن الكون ليس بقديم و إنما "مُحدَث" و له بداية في الزمان. و قد رفض هؤلاء مبدأ "قِدَم الكون" لكي لا يجعلوا الكون مساوياً و شريكاً لله. فالقول بقدم الكون يلزم عندهم الايمان بقدم مادة كانت موجودة من الازل مع الله، و هذا يخالف مبدأ التوحيد. فلا موجود غير الله قبل خلق الكون. فالعالم أو الكون هو كل ما سوى الله، و الله ليس جزء من هذا العالم، و لا أن العالم هو الله كما يقول بعض الفلاسفة المعاصرين.
أما الاجابة الثانية و الحديثة (العلمية) فهي: اكتشاف هابل لظاهرة توسع الكون في العشرينات من القرن العشرين، أجبرت العلماء (الغير مؤمنين) على القول بأن "الكون خُلِقَ من العدم". و بهذا، أصبحوا مضطرين على أن يخالفوا ما ذهب إليه فلاسفة اليونان و يوافقوا ما ذهب إليه المتكلمين المسلمين.
فقد وجد هابل في المرصد الفلكي بأن المجرات تتباعد عن بعضها البعض بسرعة عالية. أي إذا عكسنا الظاهرة و رجعنا بالزمن تدريجياً، فلابد أن يكون للكون من نقطة بداية، و سميت تلك النقطة بعد ذلك بنظرية الانفجار العظيم (Big Bang) و التي اكتشفت في الأربعينات من القرن العشرين. و لم تُوضَع هذه النظرية فقط لتُفَسِّر ظاهرة توسع الكون، و إنما أيضا لتُفَسِّر وجود العناصر الطبيعية في الكون بنِسَبٍ محددة (لماذا توجد الهيدروجين بنسبة ٧٦% و الهيليوم بنسبة ٢٣% و بقية العناصر بنسبة ١%؟).
و يستكمل الدكتور باسل الطائي الحديث بتعريف "العدم الفيزيائي"، و يوضح بأن العلماء الملحدين أمثال لورانس كِرَاوس صاحب كتاب شيء من لا شيء (Something Out of Nothing) و إستيفن هاوكنغنز يؤمنون بأن الكون خلق "نفسه" من العدم!، على أساس أن "العدم الفيزيائي" ليس اللاشيء.
و للعلم، فإن"شيئية العدم" تكلم فيها قديماً المعتزلة و المتكلمين المسلمين، و كما يقول الجويني في كتاب "الشامل في اصول الدين": حقيقة الشيء المعلوم، و العدم معلوم، فهو شيء. و الأشاعرة سألوا المعتزلة: الأشياء تتكون من الجواهر، فإذا كان العدم شيء فما جوهر العدم؟ فاجابوهم المعتزلة: جواهر العدم كجواهر الوجود، إلا أنها غير متحيزة (أي لا تُشغِلُ مكاناً). و العدم ليس مكانا بالضرورة. أما أبو حامد الغزالي، فناقش عدمية الكون في كتاب "تهافت الفلاسفة" بعمق شديد و بدقة، و قال بعدم وجود المُخَصِّص أو المُرجِّح، لأن المُرجح هو إرادة الله في الخلق.
و بمفهوم فيزيائي بحت، يمكن شرح "شيئية العدم" من خلال نظرية المجال الكمِّي ( Quantum Field Theory)، و هي نظرية تُقِرُّ رياضياً بأن الاشياء لها حد في القياس (تقبل القياس)، و أن العدم يتكون من أشياء متناهية في الصغر (زماناً) و يستحيل قياسها، و لذلك وجودها إفتراضي و قياسها مُحَال. فعلى سبيل المثال، القلم بيدك موجود لأنه قابل للقياس (له وزن و كتلة و طول و عرض) و بالنتيجة الأشياء الفيزيائية هي الأشياء القابلة للقياس. و عليه، كل ما هو غير قابل للقياس، كالملائكة و الجن مثلا، تعتبر كائنات غير فيزيائية، و فيزيائيا العدم أو اللاشيء ليس بالضرورة الغياب المطلق للاشياء، أو كما قال المعتزلة: جواهر العدم كجواهر الوجود، إلا أنها غير متحيزة، أي لا تُشغِلُ مكاناً، لتناهي دقتها و صغر حجمها.
و تَكمُن مُغَالطة أمثال لورانس كِرَاوس و إستيفن هوكنغنز في كتابه "التصميم الاعظم" في إدعائهم بأن قوانين ميكانيك الكَمْ و الجاذبية تستطيع تحويل العدم الى وجود. في الحقيقة، لا يمكن أن يُخلَق شيء من غير قوة خارجية، كالقوة النووية أو القوة الكهربائية أو القوة المغناطيسية أو قوة الجاذبية. هذه القوى الاربعة يمكنها أن تحول العدم الى وجود، و إلا سيبقى العدم عدماً لمليارات السنين. و لهذا، يقول إستيفن هاوكنغنز في كتابه أن قوة الجاذبية هي التي تخلق، و ذلك لان الجاذبية تعمل على استطالة زمن وجود الأشياء (في العدم) و بالتالي تحويلها من العدم الى جسيمات حقيقية يمكن قياسها. و إستيفن هاوكنغنز عمل على الثقوب السوداء و التي تملك قوة جاذبية هائلة، من شأنها أن تُفلٍق العدم و تنشأ جسما، فقال: إن الجاذبية تحول العدم الى وجود. و السؤال الذي نطرحه هنا على إستيفن هاوكنغنز: إذا كان العدم هو اللاشيء و أن قوة الجاذبية بامكانها أن تحول العدم الى وجود، من أين جاءت قوة الجاذبية و الجاذبية ليست من العدم؟!
ثم يستكمل الدكتور باسل الطائي الحديث نافيا ما ذهب إليه الملحدون أمثال لورانس كراوس و إستيفن هوكنغنز من أن العدم يمكنها أن تخلق نفسها ذاتيا، و يأكد الدكتور باسل الطائي بأن ذلك لا يمكن حدوثه بدون وجود قوة خارجية. و الملحدون يعترفون بضرورة وجود القوة الخارجية (كقوة الجاذبيه).
ولكن، ما هي الجاذبية؟
الجاذبية هي تَحَدُّب شديد في الزَمَكَان. ولكن، من أين أتى هذا التحدب الشديد في الزمكان؟ لابد من قوة أو إرادة خارجية (External Agency)، نحن نسميها الله.
و إذا عرفنا أن تَحَدُّب الزمان هو مَطِّهِ و إستطالته، فإن هذه الظاهرة تخدم في أن يخرج الشيء من اللاشيء (العدم).
ولكن، كيف يفسر الدكتور باسل الطائي غياب مبادئ عقلية محضة و هي أقرب إلى البداهة (كالشيء لا يخلق نفسه) على فيزيائيون عظام أمثال لورانس كراوس و إستيفن هاوكنغنز؟!
يقول الدكتور باسل الطائي، بأنه لا يتهم لورانس كراوس و إستيفن هاوكنغنز بالجهل، ولكنه يشير الى مغالطتهم و إغفالهم أن الجاذبية بحاجة الى من يُوجِدُها، كالله سبحان و تعالى.
الخلق من العدم
مع الدكتور باسل الطائي، و هو أستاذ الفيزياء الكونية في جامعة اليرموك بالاردن، و هو من بحث في بريطانيا، و تحت إشراف العالم ستيوارت داوكر (الذي اشتهر بحل المسائل المعقدة في الفيزياء الرياضية) حساب طاقة العدم التي خلق منها الكون، و الذي من خلاله اكد بأن الكون خلق من العدم. و كان عنوان رسالته بالتحديد:
Vacuum Energy in Einstein Universe
و للدكتور باسل الطائي إجابتين (قديمة و حديثة) على السؤال التالي: هل الخلق جاء من العدم أم من مادة كانت موجودة سابقاً؟ الاجابة الأولى و القديمة (الفلسفية) هي: في الماضي كان هناك رأيان في هذا الصدد، لفلاسفة غير مؤمنين و فلاسفة مؤمنين.
الراي الأول للفلاسفة أو العلماء الغير مؤمنين، و هم القائلين بأن الكون خُلِقَ من شيء، و هذا رأي القائلين "بقِدَم الكون"، أي أن الكون ليس له بداية في الزمان. و الفلاسفة اليونانيون كانوا يتزعمون هذا الرأي و على رأسهم ارسطوا، و تبعه أيضا فلاسفة المسلمين كابن سينا و الفارابي و إبن الرشد (و إن لم يصرح الاخير بقدم الكون، ولكنه لم يمنعه).
أما الراي الثاني للمتكلمين من علماء المسلمين ( الفلاسفة المؤمنين)، و الذين قالوا بخلق الكون من لا شيء، أي أن الكون ليس بقديم و إنما "مُحدَث" و له بداية في الزمان. و قد رفض هؤلاء مبدأ "قِدَم الكون" لكي لا يجعلوا الكون مساوياً و شريكاً لله. فالقول بقدم الكون يلزم عندهم الايمان بقدم مادة كانت موجودة من الازل مع الله، و هذا يخالف مبدأ التوحيد. فلا موجود غير الله قبل خلق الكون. فالعالم أو الكون هو كل ما سوى الله، و الله ليس جزء من هذا العالم، و لا أن العالم هو الله كما يقول بعض الفلاسفة المعاصرين.
أما الاجابة الثانية و الحديثة (العلمية) فهي: اكتشاف هابل لظاهرة توسع الكون في العشرينات من القرن العشرين، أجبرت العلماء (الغير مؤمنين) على القول بأن "الكون خُلِقَ من العدم". و بهذا، أصبحوا مضطرين على أن يخالفوا ما ذهب إليه فلاسفة اليونان و يوافقوا ما ذهب إليه المتكلمين المسلمين.
فقد وجد هابل في المرصد الفلكي بأن المجرات تتباعد عن بعضها البعض بسرعة عالية. أي إذا عكسنا الظاهرة و رجعنا بالزمن تدريجياً، فلابد أن يكون للكون من نقطة بداية، و سميت تلك النقطة بعد ذلك بنظرية الانفجار العظيم (Big Bang) و التي اكتشفت في الأربعينات من القرن العشرين. و لم تُوضَع هذه النظرية فقط لتُفَسِّر ظاهرة توسع الكون، و إنما أيضا لتُفَسِّر وجود العناصر الطبيعية في الكون بنِسَبٍ محددة (لماذا توجد الهيدروجين بنسبة ٧٦% و الهيليوم بنسبة ٢٣% و بقية العناصر بنسبة ١%؟).
و يستكمل الدكتور باسل الطائي الحديث بتعريف "العدم الفيزيائي"، و يوضح بأن العلماء الملحدين أمثال لورانس كِرَاوس صاحب كتاب شيء من لا شيء (Something Out of Nothing) و إستيفن هاوكنغنز يؤمنون بأن الكون خلق "نفسه" من العدم!، على أساس أن "العدم الفيزيائي" ليس اللاشيء.
و للعلم، فإن"شيئية العدم" تكلم فيها قديماً المعتزلة و المتكلمين المسلمين، و كما يقول الجويني في كتاب "الشامل في اصول الدين": حقيقة الشيء المعلوم، و العدم معلوم، فهو شيء. و الأشاعرة سألوا المعتزلة: الأشياء تتكون من الجواهر، فإذا كان العدم شيء فما جوهر العدم؟ فاجابوهم المعتزلة: جواهر العدم كجواهر الوجود، إلا أنها غير متحيزة (أي لا تُشغِلُ مكاناً). و العدم ليس مكانا بالضرورة. أما أبو حامد الغزالي، فناقش عدمية الكون في كتاب "تهافت الفلاسفة" بعمق شديد و بدقة، و قال بعدم وجود المُخَصِّص أو المُرجِّح، لأن المُرجح هو إرادة الله في الخلق.
و بمفهوم فيزيائي بحت، يمكن شرح "شيئية العدم" من خلال نظرية المجال الكمِّي ( Quantum Field Theory)، و هي نظرية تُقِرُّ رياضياً بأن الاشياء لها حد في القياس (تقبل القياس)، و أن العدم يتكون من أشياء متناهية في الصغر (زماناً) و يستحيل قياسها، و لذلك وجودها إفتراضي و قياسها مُحَال. فعلى سبيل المثال، القلم بيدك موجود لأنه قابل للقياس (له وزن و كتلة و طول و عرض) و بالنتيجة الأشياء الفيزيائية هي الأشياء القابلة للقياس. و عليه، كل ما هو غير قابل للقياس، كالملائكة و الجن مثلا، تعتبر كائنات غير فيزيائية، و فيزيائيا العدم أو اللاشيء ليس بالضرورة الغياب المطلق للاشياء، أو كما قال المعتزلة: جواهر العدم كجواهر الوجود، إلا أنها غير متحيزة، أي لا تُشغِلُ مكاناً، لتناهي دقتها و صغر حجمها.
و تَكمُن مُغَالطة أمثال لورانس كِرَاوس و إستيفن هوكنغنز في كتابه "التصميم الاعظم" في إدعائهم بأن قوانين ميكانيك الكَمْ و الجاذبية تستطيع تحويل العدم الى وجود. في الحقيقة، لا يمكن أن يُخلَق شيء من غير قوة خارجية، كالقوة النووية أو القوة الكهربائية أو القوة المغناطيسية أو قوة الجاذبية. هذه القوى الاربعة يمكنها أن تحول العدم الى وجود، و إلا سيبقى العدم عدماً لمليارات السنين. و لهذا، يقول إستيفن هاوكنغنز في كتابه أن قوة الجاذبية هي التي تخلق، و ذلك لان الجاذبية تعمل على استطالة زمن وجود الأشياء (في العدم) و بالتالي تحويلها من العدم الى جسيمات حقيقية يمكن قياسها. و إستيفن هاوكنغنز عمل على الثقوب السوداء و التي تملك قوة جاذبية هائلة، من شأنها أن تُفلٍق العدم و تنشأ جسما، فقال: إن الجاذبية تحول العدم الى وجود. و السؤال الذي نطرحه هنا على إستيفن هاوكنغنز: إذا كان العدم هو اللاشيء و أن قوة الجاذبية بامكانها أن تحول العدم الى وجود، من أين جاءت قوة الجاذبية و الجاذبية ليست من العدم؟!
ثم يستكمل الدكتور باسل الطائي الحديث نافيا ما ذهب إليه الملحدون أمثال لورانس كراوس و إستيفن هوكنغنز من أن العدم يمكنها أن تخلق نفسها ذاتيا، و يأكد الدكتور باسل الطائي بأن ذلك لا يمكن حدوثه بدون وجود قوة خارجية. و الملحدون يعترفون بضرورة وجود القوة الخارجية (كقوة الجاذبيه).
ولكن، ما هي الجاذبية؟
الجاذبية هي تَحَدُّب شديد في الزَمَكَان. ولكن، من أين أتى هذا التحدب الشديد في الزمكان؟ لابد من قوة أو إرادة خارجية (External Agency)، نحن نسميها الله.
و إذا عرفنا أن تَحَدُّب الزمان هو مَطِّهِ و إستطالته، فإن هذه الظاهرة تخدم في أن يخرج الشيء من اللاشيء (العدم).
ولكن، كيف يفسر الدكتور باسل الطائي غياب مبادئ عقلية محضة و هي أقرب إلى البداهة (كالشيء لا يخلق نفسه) على فيزيائيون عظام أمثال لورانس كراوس و إستيفن هاوكنغنز؟!
يقول الدكتور باسل الطائي، بأنه لا يتهم لورانس كراوس و إستيفن هاوكنغنز بالجهل، ولكنه يشير الى مغالطتهم و إغفالهم أن الجاذبية بحاجة الى من يُوجِدُها، كالله سبحان و تعالى.