باختصار و بُعدًا عن سردية "خبراء الفوضى الخلاقة" القائمة على المبررات المعقّدة غير الصادقة، دعوني أروي لكم حقيقة قصة طوفان الأقصى المستندة إلى الشواهد الواقعية و التي لا يُريد "خبراء الفوضى الخلاقة" أن تعرفوها:
كانت إسرائيل على علمٍ مسبقٍ بمخطّط طوفان الأقصى، فقد تلقّت 57 تحذيراً مسبقاً من مصادر مختلفة (أمريكية-مصرية-مراقبة حدودية) قبل الهجوم، لكنها سَمَحتْ به ليكون شرارةً لمشروعها الأكبر. أي أن العملاق الإسرائيلي انحنى ليتلقّى صفعة العَمليق الفلسطيني، ليُبرّر خطّته لتهجير الفلسطينيين من غزّة والضفة الغربية، ويؤسّس نواة "إسرائيل الكبرى" (من الفرات إلى النيل). لكنّ الخطة الفلسطينية فشلت عسكريًا، والخطة الإسرائيلية فشلت سياسيًا بسبب طول أمد الحرب. فقد توقّع المخطّط الفلسطيني أن يمتدّ طوفان الأقصى لأسابيعَ كما حدث سابقًا، بينما ظنّ المخطّط الإسرائيلي أن الحرب الضارية ستُجبر الفلسطينيين على النزوح جنوبًا ثم إلى سيناء، لينتهي الأمر وينسى العالم ما حدث كما نسي في المرّات السابقة.
إلا أن الحرب استمرّت لسنتين، وهذا ما لم يحسب حسابه الفلسطينيين و الإسرائيليين والصهاينة حول العالم. ولم يكن استمرار الحرب بسبب المقاومة التي عجزت عن الدفاع عن نفسها فضلًا عن الفلسطينيين العُزّل، بل كان بسبب توحّد الصفّ العربي سياسيًا ورفضهم الانصياع للتهديدات والإغراءات الإسرائيلية والغربية (وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية) لفتح المعابر والسماح بنزوح الفلسطينيين إلى سيناء والأردن.
رفض الحُكّام العرب، وعلى رأسهم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، هذه الإغراءات والتهديدات بالرغم من التحديات الاقتصادية التي تواجه جمهورية مصر العربية، ولم ينفّذوا مطالب الإسرائيليين منذ الأسابيع الأولى بتهجير الفلسطينيين الى سيناء. وبالتالي، طال أمد الحرب و انتهكت إسرائيل القانون الدولي بشكل صارخ و لمدة طويلة أمام أعين العالم و تجلى نفاق الغرب وازدواجية معاييره وسقط القناع عن الليبرالية المنافقة لتخسر إسرائيل والصهيونية سياسيًا، و لتبدأ الشعوب الغربية بالضغط على حكوماتها للتوقّف عن دعم الصهيونية المتوحشة. وما كان لهذا أن يتحقّق لولا صمود الحُكّام العرب وتوحيد كلمتهم و رفضهم للتهجير.
ما لا يُريد "خبراء الفوضى الخلاقة" و انصار طوفان الاقصى أن تعلموه هو أن صمود الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على القضية الفلسطينية وعدم رضوخه لإغراءات الصهاينة، يُناظر ما فعله السلطان عبدالحميد الثاني عندما رفض بيع فلسطين مقابل سداد ديونه.
ثم يلجأ "خبراء الفوضى الخلاقة" و انصار طوفان الاقصى الى التحليلات البهلوانية، بهدف إحقاق باطل حماس وإبطال احقية حكّام العرب، الذين نجحوا (حتى الآن) في تحويل خسائر طوفان الأقصى إلى مكتسبات استراتيجية تُسهم في كتابة تاريخٍ أفضل للفلسطينيين المقهورين.
وَيَبْقَى السؤال الجوهري: هل تُبرر هذه المكتسبات السياسية معاناة أهل غزة والضفة؟ بالطبع لا! فخيار الهجرة متاح للمستضعفين في الأرض شرعا و عُرفا.
و الجدير بالذكر ان العديد من المراقبين يعتقدون أن هجوم "طوفان الأقصى" كان مُخططاً إسرائيلياً نُفذ بواسطة مجموعات فلسطينية غافلة و مُختَرَقَة (على غرار أحداث 11 سبتمبر)، ويهدف المخطط الاسرائيلي إلى:
و الجدير بالذكر أن إسرائيل قبل 7 أكتوبر كانت على وشك:
اما الان، فلنحلل معاً اهم ما جاء في بودكاست (طوفان الأقصى بين اسطورة البداية و مآلات النهاية – الدكتور أسامة الأشقر) "خبير الفوضى الخلاقة".
ذكر الدكتور أسامة في الدقيقة 11:44 قائلا:
أين الأقصى بعد طوفان الأقصى؟!
بعد مرور عامين على أحداث الطوفان، لا تزال المقاربات الاستراتيجية في التعامل معه - سواء من القوى الفلسطينية، أو العربية، أو الإسلامية، أو الإقليمية، أو الدولية - تتسم بردود الأفعال أكثر من كونها محاولة جادة لمواكبة هذا الحدث الجلل، أو الاستفادة من تياراته، أو توظيفه لصالح القضية، أو التكيف مع تداعياته. وهكذا يتجلى العجز الفكري الحاد الذي تعانيه أمتنا - وهي الأكثر تأثراً بهذا الطوفان - في إدراكه لهذه الأزمة. فالسؤال المطروح: هل كشف الطوفان عن مواطن ضعف الأمة كما كشف عن نقاط ضعف العدو؟
أقول وبالله التوفيق:
إن تعاملك البارد مع كارثة طوفان الأقصى يتسم بالمكابرة في ردود الأفعال أكثر من كونه محاولة جادة لتحليلها والاستفادة منها، سواء على المستوى الفلسطيني خاصّة، أو على المستويين الإسلامي والعربي عامّة. ويتجلّى في تعاملك السطحي مع هذه الكارثة، العجز الفكري البالغ الذي يعتريك في إدراك أبعادها. نعم! لقد كشفت كارثة طوفان الأقصى عن عنصرية الشخصية الصهيونية، وازدواجية الشخصية الليبرالية، وانتحارية حركات المقاومة الفلسطينية المسلحة، وعن حكمة الشخصية الجمعية لحكام العرب. لقد أعمتك “الفوضى الخلاقة" يا دكتور أسامة!
بعد حديثه عن الإخفاق الكبير للسلطة الفلسطينية ومعاهدة أوسلو، وما آلت إليه مسار سُعَار مفاوضات التسوية، صرّح الدكتور اسامة في الدقيقة 32:00 قائلًا:
كان المُخَطِّطْ الاستراتيجي لطوفان الأقصى يدرك حتمية انحطاط البيئة السياسية العربية، التي لن تقدم لنا سوى مساعدات إنسانية مُسيّسة لا تُجدي نفعًا. فهذه البيئة المنحطّة تتعامل مع القضية الفلسطينية على أنها مشكلة داخلية، وفصلت مسارها تمامًا عن علاقاتها مع إسرائيل. لقد وصل الأمر بجميع الدول العربية إلى إقامة علاقات مع إسرائيل بشكل أو بآخر، بل وتجاوزت بعضها مرحلة التطبيع إلى اعتبار إسرائيل جزءًا من النسيج العربي. هذا الوضع، إلى جانب البيئة الدولية المعادية، أفقدنا عمقنا الاستراتيجي، وتركنا في حالة من الضياع بلا أفق ولا مستقبل. والنتيجة كانت ذوبان القضية الفلسطينية واستنفاد جميع الخيارات.
ومن هنا جاء قرار الطوفان، الذي هدف إلى تغيير البيئة الاستراتيجية المحيطة بنا عبر حدث استثنائي يُحطّم المفهوم العسكري السائد القائم على استحالة هزيمة إسرائيل أو تحقيق النصر عليها، وعدم جدوى المقاومة. وكان لا بد من إثبات إمكانية هزيمتها، وهو ما تحقق في اليوم الأول للطوفان داخل العمق الإسرائيلي، متجاوزًا كل التحصينات والتقنيات وأنظمة الإنذار المبكر، حيث كان بالإمكان التقدم حتى تل أبيب!
يجب الكشف عن أسرار وغوامض ما حدث في الساعات الأولى، فقد أثبتت الأحداث أن حركة (وليست دولة) قادرة على هزيمة إسرائيل من تحت الأرض (عبر الأنفاق) رغم كل أدوات المراقبة التي تمتلكها!"
أقول وبالله التوفيق:
صدق من قال: "رَمَتْنِي بِدَائِهَا وَانْسَلَّتْ"! الحقيقة أن المُخَطِّط الاستراتيجي في الدول العربية أدرك انحطاطَ وعَبَثيةَ و بَاطِنِيَّةَ البيئة السياسية المُسَيَّرَة في الحركات المسلحة الفلسطينية، والتي لم تُقَدِّم للفلسطينيين إلا الفُرقةَ والأجندات الأجنبية (الإخوانية والإيرانية) المعادية للأمة العربية والإسلامية (السُّنية). إن بيئتكم العبثية تتعامل مع القضية الفلسطينية - كما صرحت قياداتكم - "كمجرد سواكٍ لتنظيف الأسنان، وكجزءٍ من مشروعٍ أكبر" مرتبطٍ بمشروع الإخوان المسلمين الدولي ومشروع ولاية الفقيه الشيعية، حالكم حال الصهاينة ومشروعهم "إسرائيل الكبرى". لقد وصلت العبثية الحزبية بكم أن تكيلوا بمكيالين، فتُبَارِكون التطبيع المغربي (الإخواني) مع إسرائيل، وتستنكرون التطبيع الإماراتي! هذه الازدواجية المُقْرِفة، بالإضافة إلى عملياتكم المخالفة للقانون الدولي، هو ما أفقدكم عمقكم الاستراتيجي اسلامياً و عربياً ودولياً. إن مشاريعكم العبثية والباطنية هي التي فصلت مسار الدول العربية عن مساركم العبثي. إن انحطاطَ وعَبَثيةَ و بَاطِنِيَّةَ البيئة السياسية المُسَيَّرَة في الحركات المسلحة الفلسطينية (المُبَارَكَة من قبل نتنياهو) هي التي أدت إلى انشقاق وذوبان نسيج المقاومة الفلسطينية الطاهرة. لقد أعمتك "الحزبيةُ" يا دكتور أسامة!
صدق من قال: "فَإِنْ لَمْ تَسْتَحِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ"! الحقيقة أن تحليلك العسكري الأحوَل لقرار طوفان الأقصى يُعطي كارثيةَ "الفوضى الخلاقة" معنىً جديداً، ويُصَبُّها على مصائب الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية، فيُحَوِّل أيامهم ليالياً. هل تجرؤ أن تتحدث لأهل غزة والضفة عن النصر في "اليوم الأول لطوفان الأقصى"؟! هل تجرؤ أن تتحدث لهم عن إمكانية احتلال تل أبيب؟! استيقظ يا دكتور أسامة، فأنت في غيبوبة منذ صدمة اليوم الثاني، و أشلاء الأطفال تتطاير وتُكَبَّس جماجمهم تحت الحطام على مرمى و مسمع المقاومة العاجزة! نَمْ يا دكتور أسامة، فقد أعمتك "الفوضى الخلاقة"!
قال تعالى "فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى ٱلْأَبْصَـٰرُ وَلَـٰكِن تَعْمَى ٱلْقُلُوبُ ٱلَّتِى فِى ٱلصُّدُورِ" الحج ٤٦! إليك أسرارَ وغوامضَ ما حدث في الساعات الأولى من طوفان الاقصى، إذ يعتقد العديد من المراقبين أن هجوم "طوفان الأقصى" كان مُخَطَّطاً إسرائيلياً نُفِّذَ بواسطة مجموعات فلسطينية غافلة و مُختَرَقَة (على غرار أحداث 11 سبتمبر)، ويهدف إلى:
ثم يصرّح الدكتور أسامة في الدقيقة 45:30 قائلًا:
المجتمع الإسرائيلي يعاني من التّفكك والتآكل منذ نشأته، وذلك بسبب الصراع بين العلمانيين والمتديّنين. ومع ذلك، نجحت سلسلة من السياسات والإنجازات الاقتصادية والأمنية في إبطاء وتيرة هذا التآكل والانقسام الداخلي. لكنّ طوفان الأقصى كشف هذه الهشاشة الكامنة، ففضح حقيقة المجتمع الإسرائيلي والنظام السياسي القائم، الذي أصبح يعاني من صراع داخلي حادّ يتطوّر بسرعة كبيرة، ويُدمّر البنية الاجتماعية من الداخل. ولولا المعركة الحالية، لكان هذا التخريب قد امتدّ بشكل أوسع. لقد سعى الطوفان إلى تغيير البيئة الاستراتيجية الثانية من خلال إبراز هذه الهشاشة في الكيان الإسرائيلي.
أقول و بالله التوفيق:
ما اصعب توضيح الواضحات! لولا طوفان الأقصى لاستمرت المظاهرات التي كانت تُنذر بحرب أهلية في إسرائيل بين المتدينين والعلمانيين. لا تحتاج ان تكون عالم فضاء لترى ان طوفان الأقصى وحد الصف الإسرائيلي و اَسْكَتَ الأصوات الإسرائيلية التي كانت تدعو إلى إعادة النظر في الفكر الصهيوني المتطرف وإصلاحه، وتعزيز فكرة التعايش مع الفلسطينيين والمساواة بين التطلعات الفلسطينية والإسرائيلية. لقد أعمتك "الحزبيةُ" يا دكتور أسامة!
و يتابع الدكتور أسامة قائلا:
أما على الصعيد الاقتصادي، فإن إسرائيل تعتمد بشكل كبير على الدعم الخارجي. ومن هنا، حاول الطوفان تغيير البيئة الاستراتيجية الثالثة عبر التشكيك في جدوى المعونات والمساعدات الدولية لإسرائيل، بهدف دفع المجتمعات الغربية - التي تمثّل الرئة الاقتصادية للكيان الصهيوني - إلى مراجعة دعمها المالي لأسباب اقتصادية وقيمية، مما سيؤدي في النهاية إلى خنق هذه الدولة غير الأخلاقية."
أقول و بالله التوفيق:
رحم الله المصداقية! كما ذكرنا، فإن المخطّط الفلسطيني توقّع أن يمتدّ طوفان الأقصى لأسابيعَ محدودة كما حدث سابقًا، ولم يَخطر بباله أن تمتد الحرب لسنوات. وكحال المعارك القصيرة السابقة، لو انتهى طوفان الأقصى خلال أسابيع، ما كان ليتسبب في دفع المجتمعات الغربية للتشكيك في جدوى المعونات والمساعدات الدولية لإسرائيل، فالحروب القصيرة السابقة - ورغم بشاعتها و دمويتها - لم تُفضِ إلى إفاقة تلك المجتمعات. في الحقيقة، ما أدّى إلى إفاقة المجتمعات الغربية هو استمرار الحرب الدموية لمدة سنتين. وعليه، فإن الفضل يعود إلى سياسة الدول العربية الموحّدة والرافضة - منذ الأسابيع الأولى - لمطالب إسرائيل والغرب المسيحي والصهيونية العالمية بفتح المعابر بين إسرائيل ومصر، بهدف انتقال مؤقت (أو تهجير دائم) للفلسطينيين إلى سيناء. فكيف لك يا دكتور أسامة أن تدّعي لمخطط الطوفان - كالصهاينة - ما ليس له من الفضل؟! لقد أعمتك "الحزبيةُ" يا دكتور أسامة!
و يضيف الدكتور أسامة في الدقيقة 55:00 قائلاً:
هل كان مُخَطِّط طوفان الأقصى يتوقع المأساة الحالية؟ هناك إجابتان لا ثالث لهما:
اذاً، لماذا فشل المُخَطِّطْ الاستراتيجي رغم ذكائه؟
سيقول لك القائمون عليه أن السؤال غير صحيح! لأن الخيار الوحيد كان عدم فعل أي شيء، وهذا سؤال غير مجدٍ في السياق الاستراتيجي. كان لابد من (المجازفة و) المضي قدماً في الحدث الكبير مع الاعتماد على تدخل القوى الإقليمية عسكرياً والتخفيف من رد الفعل الإسرائيلي. لكن مستوى الانحطاط في العالم العربي فاق كل توقعات المخططين.
أقول و بالله التوفيق:
ما أسهل الكلام في الاستوديوهات المكيفة! تقول للفلسطينيين: "نحن أذكياء! لكن كان لا بد أن نرتكب أي فعل طائشٍ ومغامرٍ وأحمق دون التشاور معكم، وأن نجرّ عليكم ورطةً كبرى، ظنًّا منا أن العرب سيتدخلون ويُخففون عنكم وحشية الاحتلال، لكن انحطاط العالم العربي فاق كل توقعاتنا!" هل تجرؤ – أيها الدكتور – أن تنظر في عيون أبناء غزة والضفة؟ عيون الأطفال والنساء، الجرحى والثكالى، الأرامل والمشردين، الجياع واليائسين، وأولئك الذين لم يُكْرَم حتى جثمانهم بدفنٍ لائق؟ هل تستطيع مواجهتهم بهذا الكلام؟!
إن تجرأت ونطقت بتبريراتك المُرّة، فستسقط كلماتك كالحمض على جروحهم النازفة، ولن يكون ردهم إلا أحد اثنين: إما حرقك حيًّا، أو قولهم: "القرد بعين أمه غزال!" الحقيقة التي فاقت كل توقعاتنا ليست خذلان العرب، بل مستوى جهلكم، وانحطاطكم، وجبنكم، وعدم أهليتكم لقيادة كفاحنا! قبل أن تلقوا اللوم على العرب وتتوقعوا منهم المستحيل، لماذا لا تتجرؤون على مواجهة القوى الإقليمية التي خدعتكم ثم تركتكم وحدكم لقمة سهلة لتتار العصر؟! لماذا لا تتحدثون عن خيانة إيران وحزب الله، وهم من وعَدوا ثم أخلفوا، وليس العرب؟! اتق الله فينا يا دكتور و قل خيرا او اصمت.
ثم يضيف الدكتور أسامة قائلاً:
لم يمنع انحطاط المسلمين في الماضي من استعادة بيت المقدس على يد صلاح الدين بعد 20 سنة من الحروب الأهلية التي وحد خلالها الأمة. اليوم أيضاً يمكن تحقيق النصر رغم الانحطاط. صلاح الدين كان أحد قادة الطوفان.
أقول و بالله التوفيق:
ما أسهل الكلام في الاستوديوهات المكيّفة! بعد أن أنقذتم إسرائيل من حربٍ أهليةٍ كانت ستُحرّر المنطقة - فلسطينيين وإسرائيليين - من المتطرّفين والمفرطين في الطموح، تتمنّون لنا نحن العرب حربًا أهلية؟! تريدوننا أن نتحمّل طوفانكم عشرين سنةً أخرى؟! من علّمكم ذلك؟! اتّقوا الله فينا، وقولوا خيرًا أو اصمتوا.
ثم يضيف الدكتور أسامة قائلاً:
وأبو بكر الصديق (رضي الله عنه) كان من قادة الطوفان الذي قضى على حركة الردة السياسية المتمثلة في الامتناع عن دفع الزكاة. ان طوفان أبي بكر كان مجازفة في الحسابات السياسية، نظراً لانشغاله بالحروب الأهلية وفتح جبهتين مع أكبر إمبراطوريتين على حدود الدولة الإسلامية. لو كان هناك وسائل تواصل اجتماعي في ذلك الزمان، لاتهمه فرسانها بالمغامرة والجهل. لكن النتيجة كانت عكس ذلك، حيث قضى على الإمبراطورية الفارسية خلال 3 سنوات وطرد البيزنطيين من كنيستهم الأم في أقل من 5 سنوات. النبي (ﷺ) زرع البذرة، وسقاها أبو بكر وعمر (رضي الله عنهما). لقد كان إصرار أبي بكر الاستراتيجي فتحاً جديداً للأمة.
أقول و بالله التوفيق:
ما أسهل الكلام يا فارس الاستوديوهات!
ثم يضيف الدكتور أسامة قائلاً:
وفي سابقة تاريخية أخرى، حاول النبي (ﷺ) في غزوة الخندق تفكيك تحالف الأحزاب بالتفاوض مع قبيلتي غَطفَان ومُرَّة، وعرض عليهم نصف ثمار المدينة مقابل الانسحاب. سعد بن معاذ (رضي الله عنه) وافق النبي لكنه فضل الحرب، فتراجع النبي (ﷺ) عن رأيه وأخذ برأي سعد. وفي صلح الحديبية، عندما أشيع مقتل عثمان رضي الله عنه، جمع النبي (ﷺ) الصحابة وأخذ بيعة القتال منهم رغم ضعف عتادهم الحربي. إذا جاز لهؤلاء الصحابة - وهم أصحاب النبي (ﷺ) - أن يجازفوا، فمن الأولى بنا نحن الاخوان الذين بشّر بهم النبي (ﷺ) أن نفعل مثلهم.
أقول و بالله التوفيق:
ما أسهل الكلام يا فارس الفوضى الخلاقة! إن الفجوة الهائلة في العتاد الحربي بين الإسرائيليين وحلفائهم من جهة، والفلسطينيين وحلفائهم من جهة أخرى، تتجاوز بمراحل كثيرة الفارق الذي كان بين المسلمين والمشركين في عهد الرسول (ﷺ). وعليه، فإن مقارنة ضعف التسليح الإسلامي في صلح الحديبية بضعف الإمكانيات الفلسطينية اليوم - لتبرير المجازفة العسكرية - هي مقارنة غير علمية ومتهورة.
ثم إنْ جاز لكم التذرع بـ"الأخوة الإسلامية" كمبرر للمجازفة، فالأولى بكم أن تستنّوا بسنة النبي (ﷺ) والخلفاء الراشدين رضوان الله عليهم، الذين استنفدوا كل الخيارات السلمية قبل اللجوء إلى الحرب. وعليه، وبحسب منطقكم: إذا جاز لأصحاب النبي (ﷺ) - وهم خير القرون - أن يهاجروا ويصالحوا المشركين، فالأولى بكم - أيها المدّعون وصاية الأخوة - أن تهاجروا عن فلسطين، أو تصالحوا الإسرائيليين كما فعل إخوانكم في السلطة الفلسطينية!
ثم يضيف الدكتور أسامة قائلاً:
إسرائيل تفقد شعبيتها بين الدول والمجتمعات الشبابية الداعمة للقضية الفلسطينية، بما في ذلك مجتمع الشواذ، وتأثير الطوفان سيظهر على المدى البعيد. أقول لأهل غزة الذين يشكون من معاناتهم ويطالبون بعدم تحميلهم ما لا طاقة لهم به: لستم بشراً عاديين. الله قد كَوَاكُم ببلاء الأنبياء. أنتم في معركة مستمرة منذ عقود. فاصبروا، ولا يهم أن يُأسر منا 10 أو 20 أو 30 ألفاً.
أقول و بالله التوفيق:
ما أسهل الكلام في قاعات الاستوديوهات المكيفة يا فارس الفوضى الخلاقة! هل تجرؤ - أيها العالم المتخصص - أن تواجه بنظرة صادقة عيون أهالي غزة والضفة؟ عيون الأبرياء من أطفال ونساء، الجرحى الذين ينزفون، الثكالى اللواتي فقدن أعزاءهن، المشردين الذين لا سقف يحميهم، الجياع الذين تقتات على فتات الخبز، واليائسين الذين فقدوا كل بارقة أمل؟ هل تقوى على مواجهة أولئك الذين حُرموا حتى من كرامة الدفن اللائق لموتاهم؟! اللهم احفظنا من غلو المتطرفين وطموح المفرطين، من الصهاينة الظالمين ومن بعض أبناء جلدتنا الذين يزيدون الطين بلة.
و يضيف الدكتور أسامة في الدقيقة 1:39:36 قائلا:
لن ينسى الفلسطينيون المواقف العربية التي خذلت هذا الطوفان، ولم تقف إلى جانبه، بل عملت على إحباطه وإحباط كل من شارك فيه. كما أن بعض الأنظمة العربية سعت لتمكين المشروع الإسرائيلي، أو واجهت الطوفان على حساب الشعب الفلسطيني - بحجة عدم التشاور معها - مع أنها لم تكن أصلاً تستحق أن تُستشار. هذه الأنظمة لم تتدخل لا إنسانياً ولا سيادياً لمساعدة القضية الفلسطينية، بل على العكس، فإن الدول العربية (كالعراق و سوريا) تتواطأ حالياً لتهجير الفلسطينيين إلى أراضيها.
أقول و بالله التوفيق:
و هل تشاور مُخَطِّطْ طوفان الاقصى مع الشعب الفلسطيني المكلوم، ام انهم أيضا لا يستحقون ان يستشاروا؟! خاضت حركة حماس أربع حروب رئيسية و دامية و مدمرة مع إسرائيل قبل هجمات 7 أكتوبر 2023، وهي: حرب 2008 واستمرت 22 يوماً، حرب 2012 واستمرت 8 أيام، حرب 2014 واستمرت 50 يوماً و حرب 2021 واستمرت 11 يوماً. بناءً على هذه الخبرات، نستطيع ان نستنتج باطمئنان ان حماس توقعت أن يستمر "طوفان الأقصى" لأيام أو أسابيع فقط. غير أن المعلومات المتواترة تشير إلى أن السلطات الاسرائيلية كانت على علم مسبق بهذا الهجوم، ولكنها تجاهلت كل هذه التحذيرات. فقد تلقّت 57 تحذيراً مسبقاً من مصادر مختلفة (أمريكية-مصرية-مراقبة حدودية) قبل الهجوم، كما تلقت تقارير على مدى أسبوعين من مواطنين إسرائيليين في المناطق المستهدفة عن تحركات غير اعتيادية و مناورات مشبوهة على الحدود من الجانب الفلسطيني. فاين عنصر المباغتة؟! أيعقل لدولة نفذت عمليات دقيقة للغاية في ايران و لبنان بناء على المعلومات الاستخباراتية الدقيقة ان تفشل في كشف هجوم مكشوف كهذا على حدودها المراقبة بدقة؟!
اضف الى ذلك، كان المهرجان مُقرراً انتهاؤه في 6 أكتوبر 2023، إلا أن المنظمين قاموا قبل الحدث بيومين بتمديده ليوم إضافي (7 أكتوبر) بسبب مشكلات لوجستية في الموقع الأصلي و نُقل المهرجان إلى منطقة قرب كيبوتس رعيم (على بعد 5 كم من حدود غزة) بعد عدم ملاءمة الموقع الأول، و أظهرت تحقيقات الاستخبارات الإسرائيلية عدم وجود مؤشرات على علم حماس المسبق بالمهرجان.
بدأ الهجوم الساعة 6:29 صباح يوم 7 أكتوبر و استهدف المسلحون الحضور في المهرجان أثناء فرارهم، و قُتِلَ منهم ما بين 364-411 قتيلاً و أخذ 44 شخصاً رهينة. و بشكل مريب، تأخر الرد العسكري الإسرائيلي 6 ساعات، مما أتاح للمسلحين حرية الحركة و تم تطبيق "أمر هنيبال" مما أدى إلى عمليات قتل واسعة النطاق ضد الإسرائيليين أنفسهم و تدمير ممنهج للمنشآت العسكرية الإسرائيلية بالإضافة الى إصابات بين الفلسطينيين المسلحين.
هذه التطورات تدفع العديد من المراقبين إلى الاعتقاد مطمئنين بأن هجوم "طوفان الأقصى" مخططاً إسرائيلياً نُفذ بواسطة مجموعات فلسطينية (على غرار أحداث 11 سبتمبر) و يهدف إلى خلق واقع إسرائيلي مرير جديد يؤدي الى توحيد الصف الإسرائيلي بعد مظاهرات دامت 9 اشهر و كانت تنذر بحرب أهلية إسرائيلية بين المتدينين و العلمانيين، كما يهدف المخطط الإسرائيلي الى تبرير الاحتلال الكامل للأراضي الفلسطينية بشكل دموي و شرس و تمهيد الطريق لمشروع "إسرائيل الكبرى" (من الفرات إلى النيل). ثم يأتي امثالك يا دكتور لينتقدوا الدول العربية لعدم مشاركتها في هذا المخطط الإسرائيلي الكبير!
دكتور أسامة: أين الأقصى بعد طوفان الأقصى؟!
لو كنت مكانك لاعتذرت من نفسي!
باختصار و بُعدًا عن سردية "خبراء الفوضى الخلاقة" القائمة على المبررات المعقّدة غير الصادقة، دعوني أروي لكم حقيقة قصة طوفان الأقصى المستندة إلى الشواهد الواقعية و التي لا يُريد "خبراء الفوضى الخلاقة" أن تعرفوها:
كانت إسرائيل على علمٍ مسبقٍ بمخطّط طوفان الأقصى، فقد تلقّت 57 تحذيراً مسبقاً من مصادر مختلفة (أمريكية-مصرية-مراقبة حدودية) قبل الهجوم، لكنها سَمَحتْ به ليكون شرارةً لمشروعها الأكبر. أي أن العملاق الإسرائيلي انحنى ليتلقّى صفعة العَمليق الفلسطيني، ليُبرّر خطّته لتهجير الفلسطينيين من غزّة والضفة الغربية، ويؤسّس نواة "إسرائيل الكبرى" (من الفرات إلى النيل). لكنّ الخطة الفلسطينية فشلت عسكريًا، والخطة الإسرائيلية فشلت سياسيًا بسبب طول أمد الحرب. فقد توقّع المخطّط الفلسطيني أن يمتدّ طوفان الأقصى لأسابيعَ كما حدث سابقًا، بينما ظنّ المخطّط الإسرائيلي أن الحرب الضارية ستُجبر الفلسطينيين على النزوح جنوبًا ثم إلى سيناء، لينتهي الأمر وينسى العالم ما حدث كما نسي في المرّات السابقة.
إلا أن الحرب استمرّت لسنتين، وهذا ما لم يحسب حسابه الفلسطينيين و الإسرائيليين والصهاينة حول العالم. ولم يكن استمرار الحرب بسبب المقاومة التي عجزت عن الدفاع عن نفسها فضلًا عن الفلسطينيين العُزّل، بل كان بسبب توحّد الصفّ العربي سياسيًا ورفضهم الانصياع للتهديدات والإغراءات الإسرائيلية والغربية (وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية) لفتح المعابر والسماح بنزوح الفلسطينيين إلى سيناء والأردن.
رفض الحُكّام العرب، وعلى رأسهم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، هذه الإغراءات والتهديدات بالرغم من التحديات الاقتصادية التي تواجه جمهورية مصر العربية، ولم ينفّذوا مطالب الإسرائيليين منذ الأسابيع الأولى بتهجير الفلسطينيين الى سيناء. وبالتالي، طال أمد الحرب و انتهكت إسرائيل القانون الدولي بشكل صارخ و لمدة طويلة أمام أعين العالم و تجلى نفاق الغرب وازدواجية معاييره وسقط القناع عن الليبرالية المنافقة لتخسر إسرائيل والصهيونية سياسيًا، و لتبدأ الشعوب الغربية بالضغط على حكوماتها للتوقّف عن دعم الصهيونية المتوحشة. وما كان لهذا أن يتحقّق لولا صمود الحُكّام العرب وتوحيد كلمتهم و رفضهم للتهجير.
ما لا يُريد "خبراء الفوضى الخلاقة" و انصار طوفان الاقصى أن تعلموه هو أن صمود الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على القضية الفلسطينية وعدم رضوخه لإغراءات الصهاينة، يُناظر ما فعله السلطان عبدالحميد الثاني عندما رفض بيع فلسطين مقابل سداد ديونه.
ثم يلجأ "خبراء الفوضى الخلاقة" و انصار طوفان الاقصى الى التحليلات البهلوانية، بهدف إحقاق باطل حماس وإبطال احقية حكّام العرب، الذين نجحوا (حتى الآن) في تحويل خسائر طوفان الأقصى إلى مكتسبات استراتيجية تُسهم في كتابة تاريخٍ أفضل للفلسطينيين المقهورين.
وَيَبْقَى السؤال الجوهري: هل تُبرر هذه المكتسبات السياسية معاناة أهل غزة والضفة؟ بالطبع لا! فخيار الهجرة متاح للمستضعفين في الأرض شرعا و عُرفا.
و الجدير بالذكر ان العديد من المراقبين يعتقدون أن هجوم "طوفان الأقصى" كان مُخططاً إسرائيلياً نُفذ بواسطة مجموعات فلسطينية غافلة و مُختَرَقَة (على غرار أحداث 11 سبتمبر)، ويهدف المخطط الاسرائيلي إلى:
و الجدير بالذكر أن إسرائيل قبل 7 أكتوبر كانت على وشك:
اما الان، فلنحلل معاً اهم ما جاء في بودكاست (طوفان الأقصى بين اسطورة البداية و مآلات النهاية – الدكتور أسامة الأشقر) "خبير الفوضى الخلاقة".
ذكر الدكتور أسامة في الدقيقة 11:44 قائلا:
أين الأقصى بعد طوفان الأقصى؟!
بعد مرور عامين على أحداث الطوفان، لا تزال المقاربات الاستراتيجية في التعامل معه - سواء من القوى الفلسطينية، أو العربية، أو الإسلامية، أو الإقليمية، أو الدولية - تتسم بردود الأفعال أكثر من كونها محاولة جادة لمواكبة هذا الحدث الجلل، أو الاستفادة من تياراته، أو توظيفه لصالح القضية، أو التكيف مع تداعياته. وهكذا يتجلى العجز الفكري الحاد الذي تعانيه أمتنا - وهي الأكثر تأثراً بهذا الطوفان - في إدراكه لهذه الأزمة. فالسؤال المطروح: هل كشف الطوفان عن مواطن ضعف الأمة كما كشف عن نقاط ضعف العدو؟
أقول وبالله التوفيق:
إن تعاملك البارد مع كارثة طوفان الأقصى يتسم بالمكابرة في ردود الأفعال أكثر من كونه محاولة جادة لتحليلها والاستفادة منها، سواء على المستوى الفلسطيني خاصّة، أو على المستويين الإسلامي والعربي عامّة. ويتجلّى في تعاملك السطحي مع هذه الكارثة، العجز الفكري البالغ الذي يعتريك في إدراك أبعادها. نعم! لقد كشفت كارثة طوفان الأقصى عن عنصرية الشخصية الصهيونية، وازدواجية الشخصية الليبرالية، وانتحارية حركات المقاومة الفلسطينية المسلحة، وعن حكمة الشخصية الجمعية لحكام العرب. لقد أعمتك “الفوضى الخلاقة" يا دكتور أسامة!
بعد حديثه عن الإخفاق الكبير للسلطة الفلسطينية ومعاهدة أوسلو، وما آلت إليه مسار سُعَار مفاوضات التسوية، صرّح الدكتور اسامة في الدقيقة 32:00 قائلًا:
كان المُخَطِّطْ الاستراتيجي لطوفان الأقصى يدرك حتمية انحطاط البيئة السياسية العربية، التي لن تقدم لنا سوى مساعدات إنسانية مُسيّسة لا تُجدي نفعًا. فهذه البيئة المنحطّة تتعامل مع القضية الفلسطينية على أنها مشكلة داخلية، وفصلت مسارها تمامًا عن علاقاتها مع إسرائيل. لقد وصل الأمر بجميع الدول العربية إلى إقامة علاقات مع إسرائيل بشكل أو بآخر، بل وتجاوزت بعضها مرحلة التطبيع إلى اعتبار إسرائيل جزءًا من النسيج العربي. هذا الوضع، إلى جانب البيئة الدولية المعادية، أفقدنا عمقنا الاستراتيجي، وتركنا في حالة من الضياع بلا أفق ولا مستقبل. والنتيجة كانت ذوبان القضية الفلسطينية واستنفاد جميع الخيارات.
ومن هنا جاء قرار الطوفان، الذي هدف إلى تغيير البيئة الاستراتيجية المحيطة بنا عبر حدث استثنائي يُحطّم المفهوم العسكري السائد القائم على استحالة هزيمة إسرائيل أو تحقيق النصر عليها، وعدم جدوى المقاومة. وكان لا بد من إثبات إمكانية هزيمتها، وهو ما تحقق في اليوم الأول للطوفان داخل العمق الإسرائيلي، متجاوزًا كل التحصينات والتقنيات وأنظمة الإنذار المبكر، حيث كان بالإمكان التقدم حتى تل أبيب!
يجب الكشف عن أسرار وغوامض ما حدث في الساعات الأولى، فقد أثبتت الأحداث أن حركة (وليست دولة) قادرة على هزيمة إسرائيل من تحت الأرض (عبر الأنفاق) رغم كل أدوات المراقبة التي تمتلكها!"
أقول وبالله التوفيق:
صدق من قال: "رَمَتْنِي بِدَائِهَا وَانْسَلَّتْ"! الحقيقة أن المُخَطِّط الاستراتيجي في الدول العربية أدرك انحطاطَ وعَبَثيةَ و بَاطِنِيَّةَ البيئة السياسية المُسَيَّرَة في الحركات المسلحة الفلسطينية، والتي لم تُقَدِّم للفلسطينيين إلا الفُرقةَ والأجندات الأجنبية (الإخوانية والإيرانية) المعادية للأمة العربية والإسلامية (السُّنية). إن بيئتكم العبثية تتعامل مع القضية الفلسطينية - كما صرحت قياداتكم - "كمجرد سواكٍ لتنظيف الأسنان، وكجزءٍ من مشروعٍ أكبر" مرتبطٍ بمشروع الإخوان المسلمين الدولي ومشروع ولاية الفقيه الشيعية، حالكم حال الصهاينة ومشروعهم "إسرائيل الكبرى". لقد وصلت العبثية الحزبية بكم أن تكيلوا بمكيالين، فتُبَارِكون التطبيع المغربي (الإخواني) مع إسرائيل، وتستنكرون التطبيع الإماراتي! هذه الازدواجية المُقْرِفة، بالإضافة إلى عملياتكم المخالفة للقانون الدولي، هو ما أفقدكم عمقكم الاستراتيجي اسلامياً و عربياً ودولياً. إن مشاريعكم العبثية والباطنية هي التي فصلت مسار الدول العربية عن مساركم العبثي. إن انحطاطَ وعَبَثيةَ و بَاطِنِيَّةَ البيئة السياسية المُسَيَّرَة في الحركات المسلحة الفلسطينية (المُبَارَكَة من قبل نتنياهو) هي التي أدت إلى انشقاق وذوبان نسيج المقاومة الفلسطينية الطاهرة. لقد أعمتك "الحزبيةُ" يا دكتور أسامة!
صدق من قال: "فَإِنْ لَمْ تَسْتَحِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ"! الحقيقة أن تحليلك العسكري الأحوَل لقرار طوفان الأقصى يُعطي كارثيةَ "الفوضى الخلاقة" معنىً جديداً، ويُصَبُّها على مصائب الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية، فيُحَوِّل أيامهم ليالياً. هل تجرؤ أن تتحدث لأهل غزة والضفة عن النصر في "اليوم الأول لطوفان الأقصى"؟! هل تجرؤ أن تتحدث لهم عن إمكانية احتلال تل أبيب؟! استيقظ يا دكتور أسامة، فأنت في غيبوبة منذ صدمة اليوم الثاني، و أشلاء الأطفال تتطاير وتُكَبَّس جماجمهم تحت الحطام على مرمى و مسمع المقاومة العاجزة! نَمْ يا دكتور أسامة، فقد أعمتك "الفوضى الخلاقة"!
قال تعالى "فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى ٱلْأَبْصَـٰرُ وَلَـٰكِن تَعْمَى ٱلْقُلُوبُ ٱلَّتِى فِى ٱلصُّدُورِ" الحج ٤٦! إليك أسرارَ وغوامضَ ما حدث في الساعات الأولى من طوفان الاقصى، إذ يعتقد العديد من المراقبين أن هجوم "طوفان الأقصى" كان مُخَطَّطاً إسرائيلياً نُفِّذَ بواسطة مجموعات فلسطينية غافلة و مُختَرَقَة (على غرار أحداث 11 سبتمبر)، ويهدف إلى:
ثم يصرّح الدكتور أسامة في الدقيقة 45:30 قائلًا:
المجتمع الإسرائيلي يعاني من التّفكك والتآكل منذ نشأته، وذلك بسبب الصراع بين العلمانيين والمتديّنين. ومع ذلك، نجحت سلسلة من السياسات والإنجازات الاقتصادية والأمنية في إبطاء وتيرة هذا التآكل والانقسام الداخلي. لكنّ طوفان الأقصى كشف هذه الهشاشة الكامنة، ففضح حقيقة المجتمع الإسرائيلي والنظام السياسي القائم، الذي أصبح يعاني من صراع داخلي حادّ يتطوّر بسرعة كبيرة، ويُدمّر البنية الاجتماعية من الداخل. ولولا المعركة الحالية، لكان هذا التخريب قد امتدّ بشكل أوسع. لقد سعى الطوفان إلى تغيير البيئة الاستراتيجية الثانية من خلال إبراز هذه الهشاشة في الكيان الإسرائيلي.
أقول و بالله التوفيق:
ما اصعب توضيح الواضحات! لولا طوفان الأقصى لاستمرت المظاهرات التي كانت تُنذر بحرب أهلية في إسرائيل بين المتدينين والعلمانيين. لا تحتاج ان تكون عالم فضاء لترى ان طوفان الأقصى وحد الصف الإسرائيلي و اَسْكَتَ الأصوات الإسرائيلية التي كانت تدعو إلى إعادة النظر في الفكر الصهيوني المتطرف وإصلاحه، وتعزيز فكرة التعايش مع الفلسطينيين والمساواة بين التطلعات الفلسطينية والإسرائيلية. لقد أعمتك "الحزبيةُ" يا دكتور أسامة!
و يتابع الدكتور أسامة قائلا:
أما على الصعيد الاقتصادي، فإن إسرائيل تعتمد بشكل كبير على الدعم الخارجي. ومن هنا، حاول الطوفان تغيير البيئة الاستراتيجية الثالثة عبر التشكيك في جدوى المعونات والمساعدات الدولية لإسرائيل، بهدف دفع المجتمعات الغربية - التي تمثّل الرئة الاقتصادية للكيان الصهيوني - إلى مراجعة دعمها المالي لأسباب اقتصادية وقيمية، مما سيؤدي في النهاية إلى خنق هذه الدولة غير الأخلاقية."
أقول و بالله التوفيق:
رحم الله المصداقية! كما ذكرنا، فإن المخطّط الفلسطيني توقّع أن يمتدّ طوفان الأقصى لأسابيعَ محدودة كما حدث سابقًا، ولم يَخطر بباله أن تمتد الحرب لسنوات. وكحال المعارك القصيرة السابقة، لو انتهى طوفان الأقصى خلال أسابيع، ما كان ليتسبب في دفع المجتمعات الغربية للتشكيك في جدوى المعونات والمساعدات الدولية لإسرائيل، فالحروب القصيرة السابقة - ورغم بشاعتها و دمويتها - لم تُفضِ إلى إفاقة تلك المجتمعات. في الحقيقة، ما أدّى إلى إفاقة المجتمعات الغربية هو استمرار الحرب الدموية لمدة سنتين. وعليه، فإن الفضل يعود إلى سياسة الدول العربية الموحّدة والرافضة - منذ الأسابيع الأولى - لمطالب إسرائيل والغرب المسيحي والصهيونية العالمية بفتح المعابر بين إسرائيل ومصر، بهدف انتقال مؤقت (أو تهجير دائم) للفلسطينيين إلى سيناء. فكيف لك يا دكتور أسامة أن تدّعي لمخطط الطوفان - كالصهاينة - ما ليس له من الفضل؟! لقد أعمتك "الحزبيةُ" يا دكتور أسامة!
و يضيف الدكتور أسامة في الدقيقة 55:00 قائلاً:
هل كان مُخَطِّط طوفان الأقصى يتوقع المأساة الحالية؟ هناك إجابتان لا ثالث لهما:
اذاً، لماذا فشل المُخَطِّطْ الاستراتيجي رغم ذكائه؟
سيقول لك القائمون عليه أن السؤال غير صحيح! لأن الخيار الوحيد كان عدم فعل أي شيء، وهذا سؤال غير مجدٍ في السياق الاستراتيجي. كان لابد من (المجازفة و) المضي قدماً في الحدث الكبير مع الاعتماد على تدخل القوى الإقليمية عسكرياً والتخفيف من رد الفعل الإسرائيلي. لكن مستوى الانحطاط في العالم العربي فاق كل توقعات المخططين.
أقول و بالله التوفيق:
ما أسهل الكلام في الاستوديوهات المكيفة! تقول للفلسطينيين: "نحن أذكياء! لكن كان لا بد أن نرتكب أي فعل طائشٍ ومغامرٍ وأحمق دون التشاور معكم، وأن نجرّ عليكم ورطةً كبرى، ظنًّا منا أن العرب سيتدخلون ويُخففون عنكم وحشية الاحتلال، لكن انحطاط العالم العربي فاق كل توقعاتنا!" هل تجرؤ – أيها الدكتور – أن تنظر في عيون أبناء غزة والضفة؟ عيون الأطفال والنساء، الجرحى والثكالى، الأرامل والمشردين، الجياع واليائسين، وأولئك الذين لم يُكْرَم حتى جثمانهم بدفنٍ لائق؟ هل تستطيع مواجهتهم بهذا الكلام؟!
إن تجرأت ونطقت بتبريراتك المُرّة، فستسقط كلماتك كالحمض على جروحهم النازفة، ولن يكون ردهم إلا أحد اثنين: إما حرقك حيًّا، أو قولهم: "القرد بعين أمه غزال!" الحقيقة التي فاقت كل توقعاتنا ليست خذلان العرب، بل مستوى جهلكم، وانحطاطكم، وجبنكم، وعدم أهليتكم لقيادة كفاحنا! قبل أن تلقوا اللوم على العرب وتتوقعوا منهم المستحيل، لماذا لا تتجرؤون على مواجهة القوى الإقليمية التي خدعتكم ثم تركتكم وحدكم لقمة سهلة لتتار العصر؟! لماذا لا تتحدثون عن خيانة إيران وحزب الله، وهم من وعَدوا ثم أخلفوا، وليس العرب؟! اتق الله فينا يا دكتور و قل خيرا او اصمت.
ثم يضيف الدكتور أسامة قائلاً:
لم يمنع انحطاط المسلمين في الماضي من استعادة بيت المقدس على يد صلاح الدين بعد 20 سنة من الحروب الأهلية التي وحد خلالها الأمة. اليوم أيضاً يمكن تحقيق النصر رغم الانحطاط. صلاح الدين كان أحد قادة الطوفان.
أقول و بالله التوفيق:
ما أسهل الكلام في الاستوديوهات المكيّفة! بعد أن أنقذتم إسرائيل من حربٍ أهليةٍ كانت ستُحرّر المنطقة - فلسطينيين وإسرائيليين - من المتطرّفين والمفرطين في الطموح، تتمنّون لنا نحن العرب حربًا أهلية؟! تريدوننا أن نتحمّل طوفانكم عشرين سنةً أخرى؟! من علّمكم ذلك؟! اتّقوا الله فينا، وقولوا خيرًا أو اصمتوا.
ثم يضيف الدكتور أسامة قائلاً:
وأبو بكر الصديق (رضي الله عنه) كان من قادة الطوفان الذي قضى على حركة الردة السياسية المتمثلة في الامتناع عن دفع الزكاة. ان طوفان أبي بكر كان مجازفة في الحسابات السياسية، نظراً لانشغاله بالحروب الأهلية وفتح جبهتين مع أكبر إمبراطوريتين على حدود الدولة الإسلامية. لو كان هناك وسائل تواصل اجتماعي في ذلك الزمان، لاتهمه فرسانها بالمغامرة والجهل. لكن النتيجة كانت عكس ذلك، حيث قضى على الإمبراطورية الفارسية خلال 3 سنوات وطرد البيزنطيين من كنيستهم الأم في أقل من 5 سنوات. النبي (ﷺ) زرع البذرة، وسقاها أبو بكر وعمر (رضي الله عنهما). لقد كان إصرار أبي بكر الاستراتيجي فتحاً جديداً للأمة.
أقول و بالله التوفيق:
ما أسهل الكلام يا فارس الاستوديوهات!
ثم يضيف الدكتور أسامة قائلاً:
وفي سابقة تاريخية أخرى، حاول النبي (ﷺ) في غزوة الخندق تفكيك تحالف الأحزاب بالتفاوض مع قبيلتي غَطفَان ومُرَّة، وعرض عليهم نصف ثمار المدينة مقابل الانسحاب. سعد بن معاذ (رضي الله عنه) وافق النبي لكنه فضل الحرب، فتراجع النبي (ﷺ) عن رأيه وأخذ برأي سعد. وفي صلح الحديبية، عندما أشيع مقتل عثمان رضي الله عنه، جمع النبي (ﷺ) الصحابة وأخذ بيعة القتال منهم رغم ضعف عتادهم الحربي. إذا جاز لهؤلاء الصحابة - وهم أصحاب النبي (ﷺ) - أن يجازفوا، فمن الأولى بنا نحن الاخوان الذين بشّر بهم النبي (ﷺ) أن نفعل مثلهم.
أقول و بالله التوفيق:
ما أسهل الكلام يا فارس الفوضى الخلاقة! إن الفجوة الهائلة في العتاد الحربي بين الإسرائيليين وحلفائهم من جهة، والفلسطينيين وحلفائهم من جهة أخرى، تتجاوز بمراحل كثيرة الفارق الذي كان بين المسلمين والمشركين في عهد الرسول (ﷺ). وعليه، فإن مقارنة ضعف التسليح الإسلامي في صلح الحديبية بضعف الإمكانيات الفلسطينية اليوم - لتبرير المجازفة العسكرية - هي مقارنة غير علمية ومتهورة.
ثم إنْ جاز لكم التذرع بـ"الأخوة الإسلامية" كمبرر للمجازفة، فالأولى بكم أن تستنّوا بسنة النبي (ﷺ) والخلفاء الراشدين رضوان الله عليهم، الذين استنفدوا كل الخيارات السلمية قبل اللجوء إلى الحرب. وعليه، وبحسب منطقكم: إذا جاز لأصحاب النبي (ﷺ) - وهم خير القرون - أن يهاجروا ويصالحوا المشركين، فالأولى بكم - أيها المدّعون وصاية الأخوة - أن تهاجروا عن فلسطين، أو تصالحوا الإسرائيليين كما فعل إخوانكم في السلطة الفلسطينية!
ثم يضيف الدكتور أسامة قائلاً:
إسرائيل تفقد شعبيتها بين الدول والمجتمعات الشبابية الداعمة للقضية الفلسطينية، بما في ذلك مجتمع الشواذ، وتأثير الطوفان سيظهر على المدى البعيد. أقول لأهل غزة الذين يشكون من معاناتهم ويطالبون بعدم تحميلهم ما لا طاقة لهم به: لستم بشراً عاديين. الله قد كَوَاكُم ببلاء الأنبياء. أنتم في معركة مستمرة منذ عقود. فاصبروا، ولا يهم أن يُأسر منا 10 أو 20 أو 30 ألفاً.
أقول و بالله التوفيق:
ما أسهل الكلام في قاعات الاستوديوهات المكيفة يا فارس الفوضى الخلاقة! هل تجرؤ - أيها العالم المتخصص - أن تواجه بنظرة صادقة عيون أهالي غزة والضفة؟ عيون الأبرياء من أطفال ونساء، الجرحى الذين ينزفون، الثكالى اللواتي فقدن أعزاءهن، المشردين الذين لا سقف يحميهم، الجياع الذين تقتات على فتات الخبز، واليائسين الذين فقدوا كل بارقة أمل؟ هل تقوى على مواجهة أولئك الذين حُرموا حتى من كرامة الدفن اللائق لموتاهم؟! اللهم احفظنا من غلو المتطرفين وطموح المفرطين، من الصهاينة الظالمين ومن بعض أبناء جلدتنا الذين يزيدون الطين بلة.
و يضيف الدكتور أسامة في الدقيقة 1:39:36 قائلا:
لن ينسى الفلسطينيون المواقف العربية التي خذلت هذا الطوفان، ولم تقف إلى جانبه، بل عملت على إحباطه وإحباط كل من شارك فيه. كما أن بعض الأنظمة العربية سعت لتمكين المشروع الإسرائيلي، أو واجهت الطوفان على حساب الشعب الفلسطيني - بحجة عدم التشاور معها - مع أنها لم تكن أصلاً تستحق أن تُستشار. هذه الأنظمة لم تتدخل لا إنسانياً ولا سيادياً لمساعدة القضية الفلسطينية، بل على العكس، فإن الدول العربية (كالعراق و سوريا) تتواطأ حالياً لتهجير الفلسطينيين إلى أراضيها.
أقول و بالله التوفيق:
و هل تشاور مُخَطِّطْ طوفان الاقصى مع الشعب الفلسطيني المكلوم، ام انهم أيضا لا يستحقون ان يستشاروا؟! خاضت حركة حماس أربع حروب رئيسية و دامية و مدمرة مع إسرائيل قبل هجمات 7 أكتوبر 2023، وهي: حرب 2008 واستمرت 22 يوماً، حرب 2012 واستمرت 8 أيام، حرب 2014 واستمرت 50 يوماً و حرب 2021 واستمرت 11 يوماً. بناءً على هذه الخبرات، نستطيع ان نستنتج باطمئنان ان حماس توقعت أن يستمر "طوفان الأقصى" لأيام أو أسابيع فقط. غير أن المعلومات المتواترة تشير إلى أن السلطات الاسرائيلية كانت على علم مسبق بهذا الهجوم، ولكنها تجاهلت كل هذه التحذيرات. فقد تلقّت 57 تحذيراً مسبقاً من مصادر مختلفة (أمريكية-مصرية-مراقبة حدودية) قبل الهجوم، كما تلقت تقارير على مدى أسبوعين من مواطنين إسرائيليين في المناطق المستهدفة عن تحركات غير اعتيادية و مناورات مشبوهة على الحدود من الجانب الفلسطيني. فاين عنصر المباغتة؟! أيعقل لدولة نفذت عمليات دقيقة للغاية في ايران و لبنان بناء على المعلومات الاستخباراتية الدقيقة ان تفشل في كشف هجوم مكشوف كهذا على حدودها المراقبة بدقة؟!
اضف الى ذلك، كان المهرجان مُقرراً انتهاؤه في 6 أكتوبر 2023، إلا أن المنظمين قاموا قبل الحدث بيومين بتمديده ليوم إضافي (7 أكتوبر) بسبب مشكلات لوجستية في الموقع الأصلي و نُقل المهرجان إلى منطقة قرب كيبوتس رعيم (على بعد 5 كم من حدود غزة) بعد عدم ملاءمة الموقع الأول، و أظهرت تحقيقات الاستخبارات الإسرائيلية عدم وجود مؤشرات على علم حماس المسبق بالمهرجان.
بدأ الهجوم الساعة 6:29 صباح يوم 7 أكتوبر و استهدف المسلحون الحضور في المهرجان أثناء فرارهم، و قُتِلَ منهم ما بين 364-411 قتيلاً و أخذ 44 شخصاً رهينة. و بشكل مريب، تأخر الرد العسكري الإسرائيلي 6 ساعات، مما أتاح للمسلحين حرية الحركة و تم تطبيق "أمر هنيبال" مما أدى إلى عمليات قتل واسعة النطاق ضد الإسرائيليين أنفسهم و تدمير ممنهج للمنشآت العسكرية الإسرائيلية بالإضافة الى إصابات بين الفلسطينيين المسلحين.
هذه التطورات تدفع العديد من المراقبين إلى الاعتقاد مطمئنين بأن هجوم "طوفان الأقصى" مخططاً إسرائيلياً نُفذ بواسطة مجموعات فلسطينية (على غرار أحداث 11 سبتمبر) و يهدف إلى خلق واقع إسرائيلي مرير جديد يؤدي الى توحيد الصف الإسرائيلي بعد مظاهرات دامت 9 اشهر و كانت تنذر بحرب أهلية إسرائيلية بين المتدينين و العلمانيين، كما يهدف المخطط الإسرائيلي الى تبرير الاحتلال الكامل للأراضي الفلسطينية بشكل دموي و شرس و تمهيد الطريق لمشروع "إسرائيل الكبرى" (من الفرات إلى النيل). ثم يأتي امثالك يا دكتور لينتقدوا الدول العربية لعدم مشاركتها في هذا المخطط الإسرائيلي الكبير!
دكتور أسامة: أين الأقصى بعد طوفان الأقصى؟!
لو كنت مكانك لاعتذرت من نفسي!