Logo_Header
bg
Nuclear personality before nuclear plant i don't charge for being fair
HAPPY SUPPLIER +
HAPPY OWNER =
SUCCESSFUL PROJECT
خواطر ابن طاهر
2 August 2025

الخاطرة الأولى: مراتب التزكية القرآنية

التزكية غايتها الوصول إلى الإيمان، والإيمان هو الصمام الذي يحفظ المجتمع من الانهيار. لذلك توضح سورة الحجرات الأولويات و المراتب في سبيل تحقيق التزكية و تبدأ في المرتبة الأولى و الثانية بضبط أسس التعامل مع الله ورسوله (والقادة)، داعيةً إلى الالتزام بطاعة الله ورسوله وإمام المسلمين الشرعي، كما في الآيتين الكريمتين:

"يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ لَا تُقَدِّمُوا۟ بَيْنَ يَدَىِ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ ۖ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌۭ" (الحجرات: ١) 

"يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ لَا تَرْفَعُوٓا۟ أَصْوَٰتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ ٱلنَّبِىِّ وَلَا تَجْهَرُوا۟ لَهُۥ بِٱلْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَـٰلُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ" (الحجرات: ٢) 

و المفاجأة أن السورة بعد أن تؤكد على ضرورة الالتزام، تنتقل بنا إلى تحذير خطير في الآية السادسة، وهو التثبُّت من الأخبار قبل نشرها، لما قد تسببه من فتنة فاقتتال بين المؤمنين، كما في الآية التاسعة:

 "يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓا۟ إِن جَآءَكُمْ فَاسِقٌۢ بِنَبَإٍۢ فَتَبَيَّنُوٓا۟ أَن تُصِيبُوا۟ قَوْمًۢا بِجَهَـٰلَةٍۢ فَتُصْبِحُوا۟ عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَـٰدِمِينَ" (الحجرات: ٦) 

"وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ ٱقْتَتَلُوا۟ فَأَصْلِحُوا۟ بَيْنَهُمَا ۖ فَإِنۢ بَغَتْ إِحْدَىٰهُمَا عَلَى ٱلْأُخْرَىٰ فَقَـٰتِلُوا۟ ٱلَّتِى تَبْغِى حَتَّىٰ تَفِىٓءَ إِلَىٰٓ أَمْرِ ٱللَّهِ ۚ فَإِن فَآءَتْ فَأَصْلِحُوا۟ بَيْنَهُمَا بِٱلْعَدْلِ وَأَقْسِطُوٓا۟ ۖ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُقْسِطِينَ" (الحجرات: ٩) 

و لأهمية هذا الأمر، جاء التحذير من نقل الأخبار الكاذبة في المرتبة الثالثة بعد طاعة الله ورسوله (و القادة)، لما لها من آثار مدمرة على الاستقرار و الامن المجتمعي. و في المرتبة الرابعة، تنتقل السورة الى التحذير من الذنوب الفردية والاجتماعية التي تفتت اللحمة المجتمعية، مثل السخرية والتنابز بالألقاب وسوء الظن والغيبة والتجسس، كما في الآيتين الحادية عشرة والثانية عشرة:

 "يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ لَا يَسْخَرْ قَوْمٌۭ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰٓ أَن يَكُونُوا۟ خَيْرًۭا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَآءٌۭ مِّن نِّسَآءٍ عَسَىٰٓ أَن يَكُنَّ خَيْرًۭا مِّنْهُنَّ ۖ وَلَا تَلْمِزُوٓا۟ أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا۟ بِٱلْأَلْقَـٰبِ ۖ بِئْسَ ٱلِٱسْمُ ٱلْفُسُوقُ بَعْدَ ٱلْإِيمَـٰنِ ۚ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُو۟لَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلظَّـٰلِمُونَ" (الحجرات: ١١) 

"يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ ٱجْتَنِبُوا۟ كَثِيرًۭا مِّنَ ٱلظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ ٱلظَّنِّ إِثْمٌۭ ۖ وَلَا تَجَسَّسُوا۟ وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًۭا فَكَرِهْتُمُوهُ ۚ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ تَوَّابٌۭ رَّحِيمٌۭ" (الحجرات: ١٢) 

و في المرتبة الخامسة، تُندِّد الآية الثالثة عشرة بالعنصرية والتفاخر بالأنساب، مؤكدةً أن البشر خُلقوا للتعارف والتعايش، لا للتفاخر والتطاول، وأن التفاضل بين الأمم إنما يكون بالتقوى والأخلاق الحميدة، لا بالعرق أو النسب:

 "يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَـٰكُم مِّن ذَكَرٍۢ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَـٰكُمْ شُعُوبًۭا وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُوٓا۟ ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ ٱللَّهِ أَتْقَىٰكُمْ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌۭ" (الحجرات: ١٣) 

وفي تحذير واضح، تبيِّن الآيتان الرابعة عشرة والخامسة عشرة أن هذه القيم (حسب ترتيبها) هي التي تزكي و ترفع الإنسان من مستوى الإسلام الظاهري إلى مرتبة الإيمان الحقيقي، فليس الإيمان مجرد انتماء اسمي، بل هو التزام عملي بتقوى الله وجهاد النفس والمال في سبيله:

 "قَالَتِ ٱلْأَعْرَابُ ءَامَنَّا ۖ قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا۟ وَلَـٰكِن قُولُوٓا۟ أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ ٱلْإِيمَـٰنُ فِى قُلُوبِكُمْ ۖ وَإِن تُطِيعُوا۟ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ لَا يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَـٰلِكُمْ شَيْـًٔا ۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌۭ رَّحِيمٌ" (الحجرات: ١٤) 

"إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا۟ وَجَـٰهَدُوا۟ بِأَمْوَٰلِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ ۚ أُو۟لَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلصَّـٰدِقُونَ" (الحجرات: ١٥) 

فالإيمان الحقيقي هو ثمرة التزكية العملية، وليس مجرد ادعاء باللسان.

2 Arabs
3 Others
4 Muslims
6 بالعربية
bg
Logo_Header
The latest articles
خواطر ابن طاهر
2 August 2025

الخاطرة الأولى: مراتب التزكية القرآنية

التزكية غايتها الوصول إلى الإيمان، والإيمان هو الصمام الذي يحفظ المجتمع من الانهيار. لذلك توضح سورة الحجرات الأولويات و المراتب في سبيل تحقيق التزكية و تبدأ في المرتبة الأولى و الثانية بضبط أسس التعامل مع الله ورسوله (والقادة)، داعيةً إلى الالتزام بطاعة الله ورسوله وإمام المسلمين الشرعي، كما في الآيتين الكريمتين:

"يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ لَا تُقَدِّمُوا۟ بَيْنَ يَدَىِ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ ۖ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌۭ" (الحجرات: ١) 

"يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ لَا تَرْفَعُوٓا۟ أَصْوَٰتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ ٱلنَّبِىِّ وَلَا تَجْهَرُوا۟ لَهُۥ بِٱلْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَـٰلُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ" (الحجرات: ٢) 

و المفاجأة أن السورة بعد أن تؤكد على ضرورة الالتزام، تنتقل بنا إلى تحذير خطير في الآية السادسة، وهو التثبُّت من الأخبار قبل نشرها، لما قد تسببه من فتنة فاقتتال بين المؤمنين، كما في الآية التاسعة:

 "يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓا۟ إِن جَآءَكُمْ فَاسِقٌۢ بِنَبَإٍۢ فَتَبَيَّنُوٓا۟ أَن تُصِيبُوا۟ قَوْمًۢا بِجَهَـٰلَةٍۢ فَتُصْبِحُوا۟ عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَـٰدِمِينَ" (الحجرات: ٦) 

"وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ ٱقْتَتَلُوا۟ فَأَصْلِحُوا۟ بَيْنَهُمَا ۖ فَإِنۢ بَغَتْ إِحْدَىٰهُمَا عَلَى ٱلْأُخْرَىٰ فَقَـٰتِلُوا۟ ٱلَّتِى تَبْغِى حَتَّىٰ تَفِىٓءَ إِلَىٰٓ أَمْرِ ٱللَّهِ ۚ فَإِن فَآءَتْ فَأَصْلِحُوا۟ بَيْنَهُمَا بِٱلْعَدْلِ وَأَقْسِطُوٓا۟ ۖ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُقْسِطِينَ" (الحجرات: ٩) 

و لأهمية هذا الأمر، جاء التحذير من نقل الأخبار الكاذبة في المرتبة الثالثة بعد طاعة الله ورسوله (و القادة)، لما لها من آثار مدمرة على الاستقرار و الامن المجتمعي. و في المرتبة الرابعة، تنتقل السورة الى التحذير من الذنوب الفردية والاجتماعية التي تفتت اللحمة المجتمعية، مثل السخرية والتنابز بالألقاب وسوء الظن والغيبة والتجسس، كما في الآيتين الحادية عشرة والثانية عشرة:

 "يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ لَا يَسْخَرْ قَوْمٌۭ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰٓ أَن يَكُونُوا۟ خَيْرًۭا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَآءٌۭ مِّن نِّسَآءٍ عَسَىٰٓ أَن يَكُنَّ خَيْرًۭا مِّنْهُنَّ ۖ وَلَا تَلْمِزُوٓا۟ أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا۟ بِٱلْأَلْقَـٰبِ ۖ بِئْسَ ٱلِٱسْمُ ٱلْفُسُوقُ بَعْدَ ٱلْإِيمَـٰنِ ۚ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُو۟لَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلظَّـٰلِمُونَ" (الحجرات: ١١) 

"يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ ٱجْتَنِبُوا۟ كَثِيرًۭا مِّنَ ٱلظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ ٱلظَّنِّ إِثْمٌۭ ۖ وَلَا تَجَسَّسُوا۟ وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًۭا فَكَرِهْتُمُوهُ ۚ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ تَوَّابٌۭ رَّحِيمٌۭ" (الحجرات: ١٢) 

و في المرتبة الخامسة، تُندِّد الآية الثالثة عشرة بالعنصرية والتفاخر بالأنساب، مؤكدةً أن البشر خُلقوا للتعارف والتعايش، لا للتفاخر والتطاول، وأن التفاضل بين الأمم إنما يكون بالتقوى والأخلاق الحميدة، لا بالعرق أو النسب:

 "يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَـٰكُم مِّن ذَكَرٍۢ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَـٰكُمْ شُعُوبًۭا وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُوٓا۟ ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ ٱللَّهِ أَتْقَىٰكُمْ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌۭ" (الحجرات: ١٣) 

وفي تحذير واضح، تبيِّن الآيتان الرابعة عشرة والخامسة عشرة أن هذه القيم (حسب ترتيبها) هي التي تزكي و ترفع الإنسان من مستوى الإسلام الظاهري إلى مرتبة الإيمان الحقيقي، فليس الإيمان مجرد انتماء اسمي، بل هو التزام عملي بتقوى الله وجهاد النفس والمال في سبيله:

 "قَالَتِ ٱلْأَعْرَابُ ءَامَنَّا ۖ قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا۟ وَلَـٰكِن قُولُوٓا۟ أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ ٱلْإِيمَـٰنُ فِى قُلُوبِكُمْ ۖ وَإِن تُطِيعُوا۟ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ لَا يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَـٰلِكُمْ شَيْـًٔا ۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌۭ رَّحِيمٌ" (الحجرات: ١٤) 

"إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا۟ وَجَـٰهَدُوا۟ بِأَمْوَٰلِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ ۚ أُو۟لَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلصَّـٰدِقُونَ" (الحجرات: ١٥) 

فالإيمان الحقيقي هو ثمرة التزكية العملية، وليس مجرد ادعاء باللسان.

URL copied to clipboard!