المنهج العلمي هو دراسة العالم المادي المحسوس من خلال التجريب، اعتمادًا على البيانات المحدودة المتوفرة لدينا.
وبالتالي، فإن هذا المنهج محدود ولا يقودنا إلى حقائق مطلقة. ومع ذلك، فإنه يوصلنا إلى أفضل الاستنتاجات المتاحة في الوقت الحالي بناءً على البيانات التي نمتلكها.
تأتي هذه المحدوديات و القيود من التغييرات الكبيرة في العلم التي تؤدي إلى تعديل ما كنا نعتبره حقائق مطلقة في السابق.
ففي تاريخ العلم، حدثت تحولات نموذجية (paradigm shifts) غيّرت بشكل جذري فهمنا للعالم. إليك أمثلة شهيرة:
1. الثورة الكوبرنيكية (القرن 16):
- النموذج القديم: الأرض مركز الكون (نموذج بطليموس).
- النموذج الجديد: الشمس مركز المجموعة الشمسية (كوبرنيكوس).
- الأثر: تغيير جذري في الفلك والفلسفة.
2. نظرية التطور لداروين (1859):
- النموذج القديم: الكائنات ثابتةٌ خُلقت كما هي (نظرية الخلق).
- النموذج الجديد: التطور بالانتقاء الطبيعي (داروين).
- الأثر: قلب علم الأحياء وفهم أصل الإنسان.
3. النسبية العامة لأينشتاين (1915):
- النموذج القديم: الزمان والمكان مطلقان (نيوتن).
- النموذج الجديد: الزمان والمكان نسيج واحد متحرك (أينشتاين).
- الأثر: تغيير مفهوم الجاذبية والكون.
4. ميكانيكا الكم (أوائل القرن 20):
- النموذج القديم: العالم الفيزيائي حتمي وقابل للقياس المطلق.
- النموذج الجديد: الطبيعة احتمالية والجسيمات قد تكون موجات (هايزنبرغ، شرودنغر).
- الأثر: ثورة في فهم الذرة والطاقة.
5. نظرية الصفائح التكتونية (القرن 20):
- النموذج القديم: القارات ثابتة.
- النموذج الجديد: القارات تتحرك على صفائح متزحزحة (فاغنر).
- الأثر: تفسير الزلازل والجبال وتشكل القارات.
6. الطب الحديث وجرثومة المرض (باستور، القرن 19):
- النموذج القديم: الأمراض بسبب "أخلاط الجسم" أو الهواء الفاسد.
- النموذج الجديد: الأمراض تسببها الميكروبات (باستور).
- الأثر: ثورة في الطب والتعقيم.
7. الحمض النووي (DNA) وثورة البيولوجيا الجزيئية (1953):
- النموذج القديم: الوراثة تُفسر ببروتينات غير معروفة.
- النموذج الجديد: الـ DNA هو حامل الشفرة الوراثية (واطسون وكريك).
- الأثر: فتح باب الهندسة الوراثية.
لماذا تُعد هذه "تحولات جذري ( بارادايمية)؟
لأنها غيّرت الإطار المفاهيمي (Paradigm) للعلماء، وأجبرتهم على رؤية العالم بطريقة جديدة، كما وصفها الفيلسوف توماس كون في كتابه "بنية الثورات العلمية". ای ان المنهج العِلْمُي قائمٌ على التجرِبة التي يمكنها ان تُغيِّرُ وتُعدِّلُ الحقائقَ العلميةَ المطلقةَ (الواقعَ)، بناءً على المعلومات الجديدة التي يمتلكها البشر. وهو منهجٌ محدودٌ لأن البشرَ أنفسهم محدودون.
على سبيل المثال، قبل عقودٍ من الزمن، كان العلماء التجريبين يعتقدون أن الشمس ثابتة ولا تمتلك مدارًا. بينما ذكر القرآن دائمًا أن الشمس تتحرك في مدار محدد. من الناحية العلمية، كان أي عالم في تلك الأيام ليزعم أن القرآن على خطأ، ليس لأن القرآن كان مخطئًا، بل لأن ذاك العالم كان يبنِي حكمه على واقع خاطئ، فالعلم يقر اليوم واقع جديد و بأن الشمس تتحرك في مدار محدد.