"نعمة الله" كدليل على نموذج عثماني مكتوب
أهمية الخصوصيات الإملائية المشتركة
نشرت هذه الدراسة على الإنترنت من قبل مطبعة جامعة كامبريدج بتاريخ: 21 يونيو 2019
الباحث: مارين فان بوتين (Marijn van Putten): ملحد و متخصص في التاريخ اللغوي للعربية و البربرية. يركز حاليا على البحث في السمات اللغوية للنص القرآني و علاقتها باللغة العربية كما تنعكس في الأوراق البردية و النقوش الإسلامية المبكرة، و كذلك النسخ بالأحرف غير العربية مثل النصوص اليهودية العربية و النسخ باليونانية و القبطية العربية. إلى جانب ذلك، يواصل العمل على إعادة بناء التشكل التاريخي للغة البربرية.
المترجم: خالد الخاجة
مقدمة المترجم:
هذا ملخص لما استطعت أن أترجم من هذا البحث الجامعي الصعب و الغزير، حيث يقوم الدكتور فان بوتين (و هو ملحد) بالتحقيق في تاريخ القرآن الكريم. و الجدير بالذكر بأن الباحث يعتمد الاخطاء الاملائية في المخطوطات القرآنية منهجية له للتأكيد على التماسك الشديد و الاتساق الدقيق و ترتيب النص و المعنى القرآني في جميع المخطوطات القرآنية، و بدقة شديدة. و يأكد الباحث كذلك على سلامة و دقة الرويات (السنة النبوية و علم الحديث) التي أرخت لنا القصة التقليدية لكتابة القرآن في عهد الرسول (ﷺ)، و من ثم جمعه في نسخته الاصلية في خلافة أبوبكر الصديق و نسخه و توحيده و نشره في خلافة عثمان بن عفان، رضوان الله عليهم.
قد تبدوا منهجية الدكتور بوتين غريبة للعامة، الا أن المختصون في المصارف المالية سيتفهمونها. فالخبراء المسؤولين عن التحقق و اعتماد توقيعات المتعاملين يشكون في التوقيع الذي يشبه التوقيع النموذجي مئة في المئة، بل ان من علامات التوقيع الحقيقي أن يشبه التوقيع النموذجي بنسبة سبعين بالمئة. فسبحان الذي قدر لنُسَّاخ القرآن الكريم (رضوان الله عليهم) أن يرتكبوا أخطاء املائية عفوية، ليضل بها من يشاء من الغوغاء و ممن في قلوبهم مرض و يهدي بها من يشاء من المختصين كالدكتور بوتين. و الحمد لله الذي جند عباد له ملحدين ليشهدوا على سلامة و اتساق علم الحديث و نزاهة رواده، كالامام البخاري، رحمهم الله.
الخلاصة
يتخذ هذا البحث نهج جديد للاجابة على: متى و كيف تم تدوين نص القرآن في شكله الحالي، و الذي يشار إليه عادة باسم "النص العثماني"؟ في القرآن، يمكن لكلمة "نعمة" كما في العبارة "نعمة الله" أو "نعمة ربك" أن تتهجى إما بالتاء المفتوحة أو التاء المربوطة. و من خلال فحص 14 مخطوطة قرآنية مبكرة، يتبين أن هذه العبارة مكتوبة باستمرار باستخدام تهجئة واحدة فقط من التهجئتين في نفس الموضع و في جميع هذه المخطوطات المختلفة. يقال إن هذا الاتساق لا يمكن تفسيره إلا بافتراض أن كل هذه المخطوطات تأتي من نموذج أصلي مكتوب واحد، مما يعني أنه يجب أن يكون هناك مشروع تدوين في وقت ما في القرن الأول. تشير النتائج أيضا إلى أن هذه المخطوطات، و بالتالي مخطوطات القرآن بشكل عام، تم نسخها من نماذج مكتوبة منذ الأيام الأولى.
المقدمة
على مدار تاريخ الدراسات القرآنية، يمكننا إدراك عدم الارتياح العام لدى المختصين حول تاريخ تدوين النصوص المتفاوتة. تقليديا، يعتقد أن الخليفة الثالث عثمان بن عفان (رضي الله عنه) هو الذي قنن الرسمة، أو هيكل النص كما لدينا اليوم. و اشتهر وانبوره Wansbrough في السبعينيات من القرن التاسع عشر بموقفه المخالف لهذا الفهم التقليدي، و افترض أن عملية جمع النص لابد لها أن حدثت في وقت متأخر من قرنين أو ثلاثة قرون بعد التاريخ المحدد تقليديا.
مع اكتشاف العديد من المخطوطات القرآنية المبكرة و التي من الواضح أنها أقدم من التاريخ المتأخر الذي اقترحه وانبوره، أصبح من الواضح الآن أنه يجب التخلص من هذا الموقف المخالف في أكثر أشكاله تطرفا. و مع ذلك، لم يتم تبديد العديد من أسباب التشكيك في تحديد موعد مبكر لتجميع النص، ولا يزال هناك قلق عام في مجال الدراسات القرآنية.
يهدف هذا البحث إلى إظهار ليس فقط أن جميع مخطوطات القرآن المبكرة تنحدر من نموذج أصلي مكتوب واحد، ولكن أيضا أن النص قد انتشر بوضوح من خلال نسخ نموذج مكتوب، و ليس عن طريق النسخ من خلال الإملاء أو النسخ من تقليد شفهي. و بالنظر إلى التاريخ المبكر لبعض المخطوطات القرآنية العديدة التي تمت مناقشتها هنا (و التي يجب أن يعود تاريخ العديد منها إلى الفترة الأموية المبكرة)، يبدو من غير المرجح أن يكون هذا النموذج الأصلي المكتوب قد تم توحيده في وقت متأخر جدا عن وقت حكم عثمان (رضوان الله عليه)، و بالتالي يمكن اعتبار أن الحقائق تأكد الرواية الإسلامية التقليدية بدقة شديدة.
النص العثماني
ساهم العمل الرائد على طرس صنعاء من قبل صادقي و بيرغمان (المرجع صادقي و بيرغمان Bergmann 2010)، و لاحقا صادقي و غودارزي (المرجع صادقي و غودارزي Goudarzi 2012)، بشكل كبير في فهم أفضل للتأريخ النصي للقرآن. و قد سمح لهم استخدامهم للعلم الجذري (إعادة بناء عملية نقل النص في مخطوطة ما، على أساس علاقتها بمخطوطات أخرى) النظر إلى النص السفلي (ما تم مسحه) من طرس صنعاء، و بالتالي إثبات أن نصه يجب أن ينحدر من نوع نص مختلف عن ذلك الذي يعتبر عموما نوع النص العثماني، و علاوة على ذلك، للتأكيد على أن بعض النصوص القرآنية المنسوبة إلى "مصاحف الصحابة" يمكن اعتبارها أنواعا بديلة من النصوص. وبالمثل، يجب اعتبار طرس صنعاء، مع العديد من المتغيرات اللافتة للنظر (و التي غالبا ما تتفق مع مصاحف الصحابة الغير عثمانية)، كنوع نص منفصل.
يعرف صادقي نوع النص العثماني بأنه يتفق مع نص طبعة القاهرة للقرآن عام 1924، و هو تقليد "يقال إنه بدأ مع نشر المخطوطات العثمانية كأسلاف لجميع المخطوطات في التقليد النصي"، و تتفق جميع هذه المخطوطات على:
الغالبية العظمى من المخطوطات القرآنية المعروفة (جميعها باستثناء طرس صنعاء، في الواقع) هي من نوع النص العثماني، و لا توجد سوى اختلافات طفيفة في هذا النوع من النصوص. تطورت خلافات أكبر حول كيفية قراءة القرآن في تقاليد القراءة، ولكن ليس لها تأثير يذكر في الوحدة الشاملة الواضحة و المتسقة لنوع النص العثماني. و مع ذلك، فقد أدى السؤال حول مدى قدم هذا النوع من النصوص الموحدة إلى مناقشات مثيرة للجدل بين الأكاديميين في العقود الأخيرة، و القلق العام بشأن متى تم الانتهاء من النص بالضبط، يتخلل الكثير من الكتابة حول هذا الموضوع.
اقترح دونر Donner (المرجع دونر و رينولدز Reynolds 2008: 31) أن أحد الأسئلة الخمسة الأكثر أهمية و التي يتم تقديمها حاليا لعلماء القرآن هو ما إذا كان هناك نموذج نصي مبكر للقرآن الحالي أم لا؟ جادل وانبوره Wansbrough (المرجع ونبوره 1977) بأن القرآن لم يتم تجميعه إلا بعد مائتي أو ثلاثمائة عام من وفاة النبي (ﷺ)، في حين جادل بيرتون Burton (المرجع بيرتون 1977) بأنه تم تجميعه من قبل النبي (ﷺ) نفسه و ليس من قبل عثمان. منذ ذلك الحين، قام العديد من المؤلفين بتقييم هذه الأسئلة، ولكن لم يظهر إجماع واضح. سيناء Sinai (المرجع سيناء 2014 أ: 276) يتحدث عن "نموذج قانوني ناشئ"، و هو يفضل إغلاق النص القرآني المستلم في حوالي 700 ميلادية، بدلا من التاريخ التقليدي لحوالي 650 ميلادية. يقدم سيناء Sinai العديد من الحجج المضادة و التي تم اقتراحها، ولكن في دفاعه عن التاريخ التقليدي في الجزء الثاني من المقال (المرجع سيناء 2014 ب: خاصة 520 ف)، يعترف أنه من الصعب معرفة ما إذا كانت بعض الأجزاء لم يتم تصحيحها أو إضافتها حتى حوالي 700 ميلادية.
يعبر نوورث Neuwirth عن عدم يقين مماثل، و يقترح أن السيناريو التقليدي للاصدار العثماني هو "... معقول وإن لم يكن من الممكن إثباته" (مرجع نوورث 2003: 11).
شرع موتسكي (المرجع موتسكي 2001) في إثبات السرد التقليدي من خلال تتبع روايات هذه المجموعة من خلال طريقة الإسناد مع المتن، و يعبر عن تشاؤمه بشأن فائدة المخطوطات في المساعدة على تأريخ تدوين القرآن، مؤكدا أن "الطابع المجزأ لمعظم أقدم المخطوطات القرآنية لا يسمح لنا أن نستنتج على وجه اليقين أن أقدم المصاحف يجب أن يكون لها نفس الشكل، الحجم و المحتوى مثل تلك اللاحقة. و بالتالي لا يبدو أن المخطوطات مفيدة (حتى الآن) فيما يتعلق بقضيتنا" (المرجع موتسكي 2001: 2).
في السنوات الأخيرة، قدم المؤلفون العديد من الحجج القوية التي تتحدث لصالح التنقيح المبكر لنوع النص العثماني. الأدبيات التقليدية حول الرسم من المخطوطة العثمانية صادقة بشأن العديد من التفاصيل الدقيقة. وفقا لصادقي، من غير المرجح أن يكون مخطئا بشأن افتراضه الأساسي الرئيسي: تجميع القرآن من قبل عثمان (صادقي و بيرغمان 2010: 366 ف). تعتمد هذه الحجة إلى حد كبير على المقال الرائد الذي كتبه كوك Cook (المرجع كوك و ليفاديس Lividas 2004)، و الذي يوضح أن المتغيرات في الرسم و التي تم الإبلاغ عنها للمخطوطات الإقليمية المختلفة للكوفة و البصرة و دمشق و المدينة المنورة من قبل عثمان بن سعيد الداني في كتابه "المقنع في رسم مصاحف الأمصار" تشكل سياقاً. يبين كوك، على سبيل المثال، أن المصحف الدمشقي له العديد من القراءات الفريدة، و يشترك في العديد من القراءات الأخرى مع مصحف المدينة، لكنه لا يشترك أبدا في المتغيرات مع المصحف الكوفي أو المصحف البصري. تشير هذه الأنماط بوضوح إلى أن نقل و إدخال هذه المتغيرات يشير فقط إلى حوالي سبعة أنواع مختلفة ممكنة من السياقات stemmata، و أنها تتفق مع رواية نقل النص. و نظرا لأن العلماء المسلمين في العصور الوسطى لم يكن لديهم أي مفهوم عن علم الجذري، فإن حقيقة ظهور مثل هذا النمط تقود كوك إلى استنتاج أنه "علينا أن نتعامل مع الانتقال الحقيقي من النموذج الأصلي" (2004: 104).
و بما أنها لا تستند إلى مخطوطات فعلية و لا يقارنها كوك بالمخطوطات، فإن التقارير التي أنتجها الداني يمكن أن تكون حول أي مجموعة من المخطوطات المترابطة و المنسوخة من بعضها البعض، و ربما لم يكن لها بالضرورة أي علاقة بمصاحف الأمصار، إن وجدت أصلا. و مع ذلك، ان فرضية كوك و كون النموذج الأصلي يجب أن يكون مبكرا جدا، واضح بالتأكيد من عمل داتون Dutton على أقدم مخطوطة قرآنية و Or. 2165 (المتحف البريطاني)، و كلاهما مخطوطات قرآنية حجازية مبكرة و تظهران جميع أنواع المتغيرات في المصحف السوري، ولكن لم ينسب أي منها إلى المصاحف الأخرى، كما أفاد الداني (المرجع دوتون 2001 و دوتون 2004). لذلك لابد أن يستند تقرير الداني إلى واقع يمكن تأكيده في تقليد المخطوطات.
تقدم حجج كوك، جنبا إلى جنب مع تأكيدها على أدلة المخطوطة، حجة قوية لتدوين و توزيع مبكر للغاية لنوع النص العثماني. و من ثم فهو يتسق مع السرد التقليدي لتدوين و توزيع المخطوطات الإقليمية الأربعة. بينما أجد حجج كوك مقنعة، يبدو أنها مرت إلى حد كبير دون أن يلاحظها أحد، أو لم يتم اعتبارها مقنعة تماما. لذلك أود أن أقدم حجة أخرى تشير إلى نموذج أصلي مكتوب لنوع النص العثماني و الذي، علاوة على ذلك، يظهر أن هذا النوع من النص تم نسخه باستمرار من نموذج مكتوب و لم يتم نقله، كما يمكن تخيله، من خلال الإملاء أو النقل الشفوي.
الخصوصيات الإملائية
كما هو مذكور في القسم السابق، من حيث ترتيب السورة و ترتيب الآيات و حتى الصياغة المحددة، فإن جميع المخطوطات القرآنية، باستثناء واحدة، تنتمي إلى نفس نوع النص العثماني. ومع ذلك، ما لا يزال غير واضح هو كيف تم نقل هذا النوع من النص و متى تم إنشاؤه في شكله الثابت؟ لا يمكن العثور على إجابة محددة لهذا السؤال من خلال فحص الأدبيات الإسلامية، بل يجب أن تستند إلى دراسة نصوص المخطوطات القرآنية المبكرة. يظهر الفحص الدقيق لهذه المخطوطات أنه حتى الرسم المحدد بكل خصوصياته الإملائية يشير إلى نموذج أصلي واحد و مكتوب، تم نسخه من مصحف إلى آخر من خلال النسخ من نموذج مكتوب.
حتى الفحص السريع لطبعة القاهرة من القرآن يكشف عن العديد من التهجئات التي لا تتوافق مع قواعد الإملاء العربية الكلاسيكية. يمكن أن تكون هذه التهجئات في طبعة القاهرة ببساطة إعادة إنتاج الخصوصيات الإملائية المتحجرة و التي نشأت في الممارسات الإملائية ما قبل الكلاسيكية. لكن بعض هذه التهجئات غير القياسية و ما قبل الكلاسيكية تبدو في تباين حر. و تشمل ثنائيات مثل رحمة الله (تهجئة كل من رحمت و رحمة) نعمة الله (نعمت و نعمة)، جزاء سيئة (جزوا سيئة، جزا سيئة) ، و الملا (الملوا، الملا). تحدث مثل هذه الخصوصيات الإملائية بشكل متكرر في القرآن. عندما نجد مثل هذه الاختلافات في التهجئة، يجب أن نستنتج أنها لا تحمل أي قيمة لغوية، لأنها تعبر عن نفس العبارة بالضبط و بنفس المعنى. و يبدو أن هذه الاختلافات الإملائية تعزى إلى تقدير الناسخ.
ولكن هذه الخصوصيات الإملائية تعني لنا أكثر بكثير من مجرد إنعكاس أهواء الناسخ. فهذه الخصوصيات الإملائية تسمح لنا لنبين أن المخطوطات القرآنية تعود إلى نموذج أصلي مكتوب واحد و تم نسخ كل هذه الوثائق منه. إذا لم تنحدر مخطوطتان بالنسخ من نموذج أصلي واحد، فلن نتوقع حدوث نفس التهجئة في نفس الموقع بالضبط مرارا و تكرارا. ومع ذلك، هذا هو بالضبط ما نجده: تحدث تهجئات شديدة الخصوصية مرارا و تكرارا في نفس الموقع بالضبط عبر جميع المخطوطات القرآنية المبكرة. لا يمكن أن يكون هذا الاختلاف إلا نتيجة نقل كتابي دقيق.
مثال: "نعمة الله"
من المواضع الجيدة لإظهار كيف أن الخصوصيات الإملائية تشير إلى نموذج أصلي مكتوب، هو من خلال الأسماء المؤنثة في حالة الاضافة. فبينما في قواعد الإملاء القرآنية، عادة ما تنتهي الأسماء المؤنثة بالتاء المربوطة (ة)، كما هو الحال في قواعد الإملاء العربية الفصحى، فإن نسبة كبيرة إلى حد ما (حوالي 22 في المائة) من التركيبات المؤنثة تكتب بالتاء المفتوحة (ت) بدلا من ذلك. بالنسبة لبعض العبارات الشائعة، يكون التوزيع بين هذين الشكلين متساويا تقريبا، و بالنسبة لبعض العناصر المعجمية، تكون هي التهجئة الوحيدة الموثقة. فالعناصر التي يكون فيها الشكلان سائدين على قدم المساواة هي مكان جيد بشكل خاص لإظهار أن الخصوصيات الإملائية يتم استنساخها باستمرار. يقدم الجدول 1 نظرة عامة على الأسماء المؤنثة و التي لها تناوب بين (ة) و (ت) في التهجئة، أو لها تهجئة (ت) فقط.
الجدول 1 تركيبة مؤنثة مع (ت) في القرآن
المترجم: الرجاء مراجعة رابط المقال
سأركز هنا على العنصر المعجمي الأكثر شيوعا، علاوة على ذلك، له توزيع متساو تماما تقريبا للتهجئتين، و هما في كلمة نعمة. هذه الكلمة تأتي اضافة إما الى كلمة الله أو ربك او ربكم. الاسم الذي يتم اضافته الى كلمة "نعمة" لا علاقة له باختيار التهجئتين، و يحدث تهجئته في كلا الاتجاهين أمام أي من الاسمين في طبعة القاهرة.
المخطوطات
تم فحص تهجئة "نعمة" مكررا في 23 موضع في القرآن عبر 14 مخطوطة قرآنية. في الجدول 1، تم استخدام اختصارات لهذه المخطوطات. النظرة العامة التالية تقدم بعض المعلومات حول هذه المخطوطات. تم أخذ هذه المعلومات من موقع Corpus Coranicum (www.corpuscoranicum.de)، ما لم يذكر خلاف ذلك على وجه التحديد.
المترجم: للاطلاع على النظرة العامة لبوتين، الرجاء مراجعة النسخة الانجليزية (الاصلية).
النتائج
يوضح الجدول 2 تهجئة كلمة "نعمة" كما تشهد عليها المخطوطات التي تم فحصها. ترد رمز المخطوطات القرآنية على المحور الأفقي، حيث تشير C إلى طبعة القاهرة، و عموديا هي المواقع ال 15 لتهجئة كلمة "نعمة" بالتاء المربوطة (ة) و التاء المفتوحة (ت)، و تدل على التهجئة "نعمة" و "نعمت" على التوالي.
الجدول 2 توزيع نوعين من الهجاء لعبارة "نعمة الله"
المترجم: الرجاء مراجعة رابط المقال
كما يتضح من الجدول 2، هناك علاقة قوية للغاية بين موقع التهجئة الخاصة في طبعة القاهرة و المخطوطات القرآنية السابقة. عدى موقعين فقط، Q 16:114 و Q 37:57، لا يظهر أي خلاف على الإطلاق. لا يمكن أن يعزى هذا الاتساق الكبير إلى الصدفة.
في حالة Q 16:114، تختلف مخطوطة واحدة فقط مع النمط العام، في حين أن المخطوطات السبع الأخرى و التي تم فحصها و التي تم إثبات هذا النموذج، تستخدم جميعها التهجئة الموجودة في طبعة القاهرة.
أم في حالة Q 37:57، فإن مخطوطتين لهما نفس نمط طبعة القاهرة، لكن الأربعة الآخريات لديهم جميعا تهجئة نعمت الله. يبدو أن طبعة القاهرة هنا مبتكرة جنبا إلى جنب مع W و Zid.
هناك مشكلة أخرى: تهجئة Q 2: 231 في K تختلف عن بقية المخطوطات. لكن من الواضح أن هذه الصفحة مكتوبة بخط متأخر جدا عن الصفحات الأخرى من هذه المخطوطة، لذلك لا ينبغي أن يهمنا ذلك. لدى Zid نفس الوضع بسبب خط متأخر جدا في Q 35: 3، ولكن في هذه الحالة يتوافق تهجئتها مع المخطوطات الأخرى.
الأثار و النتائج
لا يوجد سوى تفسير واحد محتمل للاتفاق القوي بين العديد من المخطوطات القرآنية المختلفة مع التهجئتين المحتملتين لكلمة "نعمة": يجب أن يكون هناك نموذج أصلي وحيد و مكتوب تنحدر منه جميع المخطوطات القرآنية من نوع النص العثماني. و بالنظر إلى التاريخ المبكر المحتمل للعديد من هذه المخطوطات (النصف الثاني من القرن السابع)، فمن غير المرجح أن يكون للنموذج الأصلي لنوع النص "العثماني" تاريخ متأخر عن التاريخ المعتمد في التقليد - في عهد عثمان رضوان الله عليه (24-34 ه). حتى أن إسناد النص العثماني إلى "مشروع المصاحف الثاني" خلال ولاية الحجاج (رحمه الله 75-95 هجرية) يصعب قبوله. لا تشير أي من الروايات إلى مثل هذا التغيير الجذري خلال هذا المشروع، و العديد من المخطوطات التي تم فحصها هنا لها نطاقات زمنية أعلى في تأريخها الكربوني و الذي يسبق حكم الحجاج بعدة عقود. في حين أنه من المستحيل بالطبع إثبات أن التوحيد لم يحدث قبل عهد عثمان (رضوان الله عليه) على أساس هذه البيانات، فإن البيانات تتفق تماما مع الحساب التقليدي.
و النتيجة الثانية لهذه النتائج هي أنه منذ بداية توحيد النص، لابد لكل مخطوطة تنتمي إلى النص العثماني أن تكون قد نسخت من نموذج مكتوب. هذه الأنواع من الخصوصيات الإملائية هي بالضبط التي سيكون من المستحيل إعادة إنتاجها من خلال عملية الكتابة من الإملاء. و هذا النمط العام للنسخ القائم على النماذج المكتوبة من مخطوطة إلى أخرى يجب أن يكون قد استمر لعدة قرون. بينما ركزتُ في هذه الدراسة على أقدم المخطوطات القرآنية الممكنة، من الواضح أن هذه الأنماط استمرت في أوقات لاحقة، و إنحرفت عنها إلا بشكل ملحوظ في الفترة العثمانية باستخدام التهجئة الكلاسيكية. طبعة القاهرة هي عودة مقصودة و ناجحة للغاية إلى شكل الرسم الأصلي.
الخصوصيات الإملائية الأخرى
لقد درسنا التوزيع الخاص لتهجئة نعمت/نعمه، و أظهرنا أن هذا التوزيع يرتبط ارتباطا وثيقا عبر العديد من المخطوطات القرآنية المختلفة. يقدم هذا المثال أكثر من دليل كاف على وجود نسخة مكتوبة أصلية تنبع منها جميع المخطوطات القرآنية الأخرى، و أن جميع المخطوطات القرآنية من نوع النص العثماني قد التزمت بالكتابة ليس من الذاكرة، أو النسخ من الإملاء، ولكن تم نسخها من نسخة مكتوبة سابقة.
نعمت/ نعمة ليست العبارة الوحيدة التي يرتبط تهجئتها ارتباطا وثيقا عبر العديد من المخطوطات القرآنية المختلفة. جميع العبارات الأخرى ذات البنية المؤنثة و التي لها تهجئة مماثلة ترتبط بشكل مستمر، على سبيل المثال، رحمت/ رحمة و لعنة/ لعنت إلخ.
هناك أنواع أخرى من الخصوصيات الإملائية مثل تهجئة كلمة "جزاء"، و التي عادة ما يتم تهجئتها "جزا"، ولكنها تظهر مكتوبة "جزاو" مرارا و تكرارا في خمسة أماكن محددة: Q 5:29، 33، Q 42:40، Q20:76 و Q 39:34. و بالمثل من المستحيل فهم هذا التوزيع المحدد دون افتراض نسخ المصاحف من النماذج المكتوبة.
نقطة أخرى من الاختلاف الإملائي هي كلمة "الملأ"، مكتوبة "الملا" اثنتي عشرة مرة، ولكن في أربعة مواضع في طبعة القاهرة يتم تهجئتها الملوا (Q 23:24 ، Q 27:29 ، Q 27:32 ، Q 27:38). كل مخطوطة قرآنية مبكرة قمت بفحصها تتفق على أنه يجب تهجئتها على هذا النحو، بينما يتم تهجئة الباقي بالطريقة العادية "الملا".
و مع ذلك، من المهم أن نلاحظ أنه لا يمكن إرجاع جميع الخصوصيات الإملائية كما وردت في طبعة القاهرة إلى هذه المخطوطات المبكرة. على سبيل المثال "دعوا الكفرين" Q 40:50 مكتوبة بشكل مطابق ل Q 13:14 "دعا الكفرين" في جميع المخطوطات القرآنية المبكرة التي فحصتها. و هكذا يبدو أن التهجئة مع "واو و الف" هي ابتكار لاحق.
علاوة على ذلك، لم يتم نقل جميع الخصائص الإملائية للنص العثماني بدقة حتى طبعة القاهرة. على سبيل المثال، يتم تهجئة ابرهم/ابرهيم كما في كلمة "ابراهيم" على شكل "ابرهم" في Q 2 من طبعة القاهرة. و رغم أن هذه التهجئة أكثر عشوائية، ولكنها مرتبطة داخليا ارتباطا وثيقا في جميع المخطوطات القرآنية المبكرة.
إن تحديد مثل هذه الخصوصيات الإملائية المشتركة بين هذه المخطوطات القرآنية المبكرة هو خطوة لا غنى عنها في دراسة النص القرآني، و ضروري لإنشاء طبعة نقدية من الرسم، و إعادة بناء النموذج العثماني. إن تحديد مثل هذه الخصوصيات، و ربما العثور على الأماكن التي تنحرف فيها المخطوطات اللاحقة بوضوح عن المعايير السابقة سيسمح لنا بإعادة بناء الاتجاهات و التطورات في قواعد الإملاء للمخطوطات القرآنية اللاحقة، و قد يسمح لنا حتى بتأكيد و/ أو تحديد المزيد من مساقات المخطوطات القرآنية المبكرة و التي حددها كوك (المرجع كوك و ليفاديس 2004) من أجل الحصول على فهم أفضل لانتشار و تطور النص القرآني.
قضية النص الكامل للكلمة الداخلية ( آ)
المشكلة الأخيرة التي يتم التركيز عليها بسبب فحص الاستنساخ المتسق للغاية للخصوصيات الإملائية في المخطوطات القرآنية المبكرة هي مسألة النص العام للكلمة التي يتخللها/يدخل عليها رمز (آ) أو حرف (آ) كاملة. فكما رأينا في هذا البحث، لا يحافظ النص العثماني على ترتيب الكلمات و ترتيب الآيات و ترتيب السور بشكل مثالي فحسب، بل يحافظ أيضا و باستمرار على اختلافات إملائية خاصة للغاية، لابد من تواجدها في النموذج العثماني. و نظرا للانتقال المتسق و بشكل لافت للنظر لهذه الميزات الخاصة، فمن المدهش للغاية أنه عندما يتعلق الأمر بالتهجئة المعيبة (المختصرة) لرمز الحرف (آ)، يبدو أن هناك تباينا حراً إلى حد ما بين الاحتمالين عبر المخطوطات القرآنية في بيئات معينة.
استحوذ هذا الاختلاف الحر على انتباه ديروش Déroche (المرجع ديروش 2009، ديروش f2014:25) الذي فحص الاختلافات الإملائية الداخلية للعديد من العناصر المعجمية في أقدم مخطوطة قرآنية و العديد من المخطوطات القرآنية المبكرة الأخرى. و يخلص إلى أن المعاملة غير المتسقة بين الكتبة تشير إلى أن كتبة أقدم مخطوطة قرآنية كانوا يقومون بترقية قواعد الإملاء نحو نص مُشَكَّل مقارنة بالنموذج الذي كانوا يعملون منه. من غير الواضح ما إذا كان النموذج الذي تم نسخ المخطوطة القرآنية القديمة منه قد استخدم النص المُشَكَّل بشكل غير منتظم، ثم تم استنساخه بدقة من قبل الكتبة، أو ما إذا كان الكتبة يقومون بالفعل بترقية الرسم كما يقترح ديروش، نحو الحصول على المزيد من النصوص المُشَكَّلّة. تجدر الإشارة إلى أن لابد من وجود درجة معينة على الأقل من النص المُشَكَّل في النموذج العثماني الأصلي.
على سبيل المثال، هناك اتفاق عالمي على أن جميع الجذور التي تشمل الحرف (آ) مكتوبة كاملة. لا يوجد شكل جذري آخر يعرض مثل هذا التهجئة المتسقة للكلمة التي تضم الحرف (آ). تم شرح هذا التوزيع بشكل مقنع بواسطة دييم Diem (المرجع دييم 1976: 258 ف و المرجع دييم 1979: 251 ف). و يشير إلى أنه في الخط الآرامي النبطي (سلف الخط العربي) لم تكن هناك طريقة لكتابة الحرف (آ) داخل الكلمة. لذلك يجادل بأن التهجئة الكاملة للحرف (آ) هي ابتكار من قواعد الإملاء الحجازية (القرآنية). و يشير إلى أن هذا قد حدث بسبب فقدان كلمة الهمزة الداخلية، فتليها إطالة تعويضية. نتيجة لذلك، ستتحول الأسماء التي بها الحرف (أ) إلى الحرف (آ)، و بالتالي ينتهي بها الأمر إلى الحصول على شكل مشابه للأسماء التي كان لها بالفعل الحرف (آ). على هذا النحو، كانت هناك أسماء تحمل الحرف (آ)، بعضها يحتوي على تهجئة مع ألف بينما يفتقر البعض الآخر إليها. تم تعميم التهجئة مع الألف لاحقا على جميع الأسماء من هذا الشكل، بغض النظر عما إذا كانت تحتوي في الأصل على همزة أم لا. يمكن تمثيل ذلك بشكل تخطيطي على النحو التالي:
المترجم: الرجاء مراجعة رابط المقال
في المرحلة الثالثة، يجب اعتبار تهجئة نار مع الألف بشكل أساسي شبه تاريخي. نظرا لعدم وجود طريقة للتمييز بين كلمات التي تحتوي الحرف (آ) و أسماء تحتوي الحرف (آ)، فقد تمت كتابة كل كلمة بهذا الشكل بحرف الألف.
فقط بعد اكتمال التعميم (باستثناء الفعل قال)، انتشرت هذه الأداة الإملائية الجديدة لكتابة الكلمة الداخلية (آ) إلى أشكال لا يمكن أن يكون لها همزة في هذا الموضع، مثل أشكال الأسماء التي تشمل الحرف الف و الحرف (آ). يبدو أن قواعد الإملاء التي نجدها في المخطوطات القرآنية المبكرة و كذلك في طبعة القاهرة من القرآن في طور انتقالي نحو الكتابة الكاملة لمثل هذه الأسماء، حيث يبدو أنه اختياري بشكل أساسي سواء كانت (آ) مكتوبة أم لا. عندما نقارن مثل هذه التهجئات عبر المخطوطات القرآنية المبكرة، على سبيل المثال أحد الأسماء التي درسها ديروش في أقدم المخطوطات القرآنية، و هي كلمة "عباد"، نجد أنه حتى المخطوطات التي هي كلها جزء من نوع المخطوطة السورية (أي المخطوطة القرآنية القديمة، Or. 2165 و We II 1913) يبدو أن هناك اختلافا حرا عبر المخطوطات، و لا يبدو أن المواضع التي تظهر فيها مرتبطة على الإطلاق.
الجدول 3 يجدول جميع تكرارات كلمة "عباد" في جميع المخطوطات الثلاث. كما يمكن أن نرى، لا يوجد اتفاق أو اتجاه واضح بين هذه المخطوطات الثلاث، مما يدل على أن وجود أو عدم وجود الألف لا يبدو فريدا من نوعه بالنسبة للمخطوطات السورية. يبقى هذا الاتجاه كما هو عندما نقوم بتضمين مخطوطات من نوع الكوفي أو البصري أو المدني.
الجدول 3 تهجئة كلمة "عباد"
المترجم: الرجاء مراجعة رابط المقال
لذلك في حين أن هناك العديد من الأمثلة على الخصوصيات الإملائية التي تم استنساخها بأمانة لمئات السنين في المخطوطات القرآنية، يبدو أن تقليد الكتابة الذي أنتج هذه النسخ لم يضع أي قيمة على الاستنساخ الدقيق للخصوصية الإملائية المحددة لكتابة كلمة (آ) مع ألف أم لا.
حتى لو افترضنا أن ديروش صحيح و أن الكتبة كانوا في الأساس "يطورون" قواعد الإملاء للنموذج الذي كانوا ينسخون منه، لا يمكننا أن نفترض أنه كلما كانت المخطوطات المبكرة في خلاف مع بعضها البعض، فإن التهجئة بدون ألف هي الأقدم. يبدو أن هناك "إهمالا" أكثر عمومية عندما يتعلق الأمر بالكلمات التي يدخل فيها الحرف الف، أيضا عندما لا تدل على (آ). على سبيل المثال، غالبا ما يتم تهجئة مايه (مائة) "ميه" و شاى (شيء) "شى". هنا أيضا لا يمكن للمرء أن يتحدث عن أي استنساخ أمين للخصوصيات الإملائية عبر العديد من المخطوطات القرآنية المبكرة. يفحص الجدول 4 تهجئة مايه (مائة) و مايتين (مائتي) عبر المخطوطات القرآنية المبكرة التي تم فحصها أعلاه. من الواضح هنا أنه لا يوجد نمط ثابت بين قواعد الإملاء لمخطوطات القرآن المختلفة.
الجدول 4 تهجئة "المئة"
المترجم: الرجاء مراجعة رابط المقال
و بعبارة أخرى، فإن الكلمات التي تدخل فيها الحرف الف و التي لا تدل بوضوح إلى (آ) لا يتم التحكم فيها في تقليد الكتابة الذي أنتج هذه المخطوطات القرآنية المبكرة. و مع ذلك، يتفق العلماء بشكل عام على أن التهجئة مع الألف في "المية" و "الشي" هي التهجئة القديمة، في حين أن التهجئة التي لا تحتوي عليها مبتكرة (المرجع دييم 1980: 103 ف). لذلك يبدو أن إضافة و إزالة كلمة "ألف" الداخلية كانت تعتمد على تقدير الناسخ نفسه. لذلك لا يبدو من المفيد، عند مناقشة قواعد الإملاء القرآنية، التفكير من حيث التهجئة القديمة و المبتكرة للألف. من الواضح أنه في زمن المخطوطات القرآنية المبكرة المتاحة لنا، كان كل من التهجئة القديمة و المبتكرة متعايشتين. لا يوجد سبب لافتراض أن هذا الوضع كان مختلفا في وقت كتابة النموذج العثماني قبل عدة عقود. كما لا يوجد سبب للاعتقاد بأنه عندما يتم إثبات تهجئة أو أخرى، يجب أن يكون للنموذج الأصلي العثماني الشكل القديم. و إلى أن تظهر أدلة أخرى، أو يتم التوصل إلى فهم أفضل لتذبذب كلمة "ألف" الداخلية، فمن السابق لأوانه التأكيد و الحديث عن ترقية قواعد الإملاء من نص مكتوب بشكل مختصر إلى نص مكتوب بشكل كامل.
في حين أن هذه القضية من الكتابة الكامل و المختصرة تمثل مشكلة لإعادة بناء رسم النموذج العثماني، يجب التأكيد على أن هذه القضية تؤثر فقط على أقلية من الكلمات التي تحتوي على كلمة داخلية (آ). فغالبية الكلمات ذات الكلمات الداخلية (آ) لها تهجئة يمكن التنبؤ بها في جميع المخطوطات القرآنية المبكرة و كذلك في طبعة القاهرة. تم تحديد بعض هذه المبادئ الإملائية بواسطة دييم Diem (المرجع دييم 1979: 255 ف)، و أنا ألخصها هنا. في بعض الأماكن قدمت إضافات إلى تعميمات دييم. و بما أن دييم استند في تعميماته حصريا إلى طبعة القاهرة، فإن أدلة المخطوطات تختلف أحيانا مع هذه التعميمات.
المترجم: للاطلاع على ملخص بوتين، الرجاء مراجعة النسخة الانجليزية (الاصلية).
يتضح هنا لماذا لا ينبغي إخضاع التهجئة لدراسة مخصصة لكل مخطوطة، بل يجب وضعها في دراسة مقارنة منهجية. فلا يمكننا البدء في إجراء استنتاجات معقولة حول أي ألف قد يكون إضافة لاحقة و أيه قد لا يكون، و لماذا، الا بعد أن نؤسس المبادئ الإملائية العامة.
الاستنتاج
أظهرت هذه الدراسة أن التهجئة الخاصة لبعض الكلمات لا ترجع إلى أهواء الناسخ، ولكنها مستنسخة بنفس التهجئة في جميع المخطوطات القرآنية المبكرة. الطريقة الوحيدة التي يمكن بها تفسير مثل هذا الاستنساخ المتسق هي بافتراض أن جميع المستندات التي تنتمي إلى النص العثماني تعود إلى نموذج أصلي مكتوب وحيد تم نسخ تهجئته بدقة من نسخة إلى أخرى، مما يدل على أن هذه النسخ كانت تستند إلى نموذج مكتوب.
المخطوطات التي تم فحصها في هذه الدراسة مبكرة بما فيه الكفاية، بحيث يكون تدوين النص العثماني متسقا تماما مع نسبته إلى مصدره التقليدي: عثمان بن عفان (رضوان الله عليه).
علاوة على ذلك، ناقشت هذه الدراسة الحالة المحيرة للتناوب بين الكتابة الكاملة (scriptio plena) و الكتابة المختصرة (scriptio defective). يبدو أنه لا يوجد نقل دقيق بشكل واضح عندما يتعلق الأمر بكتابة الألف في نصف الكلمة، كما في حالة الحرف/ الرمز (آ). و مع ذلك، فإن الأنماط و القواعد القابلة للتعميم توضح أن النموذج العثماني لم يكتب بالكامل مختصرا (scriptio defective). من المؤكد أن بعض الكلمات كانت ستكتب بشكل كامل بينما كان من الممكن كتابة كلمات أخرى بشكل مختصر، حتى في النموذج العثماني. قد يمنحنا الفحص الدقيق للأنماط عبر المخطوطات القرآنية المختلفة إحساسا أفضل بأنماط و تطور التهجئة الكاملة للحرف (آ) في المخطوطات القرآنية المبكرة.
رابط الدراسة:
"نعمة الله" كدليل على نموذج عثماني مكتوب
أهمية الخصوصيات الإملائية المشتركة
نشرت هذه الدراسة على الإنترنت من قبل مطبعة جامعة كامبريدج بتاريخ: 21 يونيو 2019
الباحث: مارين فان بوتين (Marijn van Putten): ملحد و متخصص في التاريخ اللغوي للعربية و البربرية. يركز حاليا على البحث في السمات اللغوية للنص القرآني و علاقتها باللغة العربية كما تنعكس في الأوراق البردية و النقوش الإسلامية المبكرة، و كذلك النسخ بالأحرف غير العربية مثل النصوص اليهودية العربية و النسخ باليونانية و القبطية العربية. إلى جانب ذلك، يواصل العمل على إعادة بناء التشكل التاريخي للغة البربرية.
المترجم: خالد الخاجة
مقدمة المترجم:
هذا ملخص لما استطعت أن أترجم من هذا البحث الجامعي الصعب و الغزير، حيث يقوم الدكتور فان بوتين (و هو ملحد) بالتحقيق في تاريخ القرآن الكريم. و الجدير بالذكر بأن الباحث يعتمد الاخطاء الاملائية في المخطوطات القرآنية منهجية له للتأكيد على التماسك الشديد و الاتساق الدقيق و ترتيب النص و المعنى القرآني في جميع المخطوطات القرآنية، و بدقة شديدة. و يأكد الباحث كذلك على سلامة و دقة الرويات (السنة النبوية و علم الحديث) التي أرخت لنا القصة التقليدية لكتابة القرآن في عهد الرسول (ﷺ)، و من ثم جمعه في نسخته الاصلية في خلافة أبوبكر الصديق و نسخه و توحيده و نشره في خلافة عثمان بن عفان، رضوان الله عليهم.
قد تبدوا منهجية الدكتور بوتين غريبة للعامة، الا أن المختصون في المصارف المالية سيتفهمونها. فالخبراء المسؤولين عن التحقق و اعتماد توقيعات المتعاملين يشكون في التوقيع الذي يشبه التوقيع النموذجي مئة في المئة، بل ان من علامات التوقيع الحقيقي أن يشبه التوقيع النموذجي بنسبة سبعين بالمئة. فسبحان الذي قدر لنُسَّاخ القرآن الكريم (رضوان الله عليهم) أن يرتكبوا أخطاء املائية عفوية، ليضل بها من يشاء من الغوغاء و ممن في قلوبهم مرض و يهدي بها من يشاء من المختصين كالدكتور بوتين. و الحمد لله الذي جند عباد له ملحدين ليشهدوا على سلامة و اتساق علم الحديث و نزاهة رواده، كالامام البخاري، رحمهم الله.
الخلاصة
يتخذ هذا البحث نهج جديد للاجابة على: متى و كيف تم تدوين نص القرآن في شكله الحالي، و الذي يشار إليه عادة باسم "النص العثماني"؟ في القرآن، يمكن لكلمة "نعمة" كما في العبارة "نعمة الله" أو "نعمة ربك" أن تتهجى إما بالتاء المفتوحة أو التاء المربوطة. و من خلال فحص 14 مخطوطة قرآنية مبكرة، يتبين أن هذه العبارة مكتوبة باستمرار باستخدام تهجئة واحدة فقط من التهجئتين في نفس الموضع و في جميع هذه المخطوطات المختلفة. يقال إن هذا الاتساق لا يمكن تفسيره إلا بافتراض أن كل هذه المخطوطات تأتي من نموذج أصلي مكتوب واحد، مما يعني أنه يجب أن يكون هناك مشروع تدوين في وقت ما في القرن الأول. تشير النتائج أيضا إلى أن هذه المخطوطات، و بالتالي مخطوطات القرآن بشكل عام، تم نسخها من نماذج مكتوبة منذ الأيام الأولى.
المقدمة
على مدار تاريخ الدراسات القرآنية، يمكننا إدراك عدم الارتياح العام لدى المختصين حول تاريخ تدوين النصوص المتفاوتة. تقليديا، يعتقد أن الخليفة الثالث عثمان بن عفان (رضي الله عنه) هو الذي قنن الرسمة، أو هيكل النص كما لدينا اليوم. و اشتهر وانبوره Wansbrough في السبعينيات من القرن التاسع عشر بموقفه المخالف لهذا الفهم التقليدي، و افترض أن عملية جمع النص لابد لها أن حدثت في وقت متأخر من قرنين أو ثلاثة قرون بعد التاريخ المحدد تقليديا.
مع اكتشاف العديد من المخطوطات القرآنية المبكرة و التي من الواضح أنها أقدم من التاريخ المتأخر الذي اقترحه وانبوره، أصبح من الواضح الآن أنه يجب التخلص من هذا الموقف المخالف في أكثر أشكاله تطرفا. و مع ذلك، لم يتم تبديد العديد من أسباب التشكيك في تحديد موعد مبكر لتجميع النص، ولا يزال هناك قلق عام في مجال الدراسات القرآنية.
يهدف هذا البحث إلى إظهار ليس فقط أن جميع مخطوطات القرآن المبكرة تنحدر من نموذج أصلي مكتوب واحد، ولكن أيضا أن النص قد انتشر بوضوح من خلال نسخ نموذج مكتوب، و ليس عن طريق النسخ من خلال الإملاء أو النسخ من تقليد شفهي. و بالنظر إلى التاريخ المبكر لبعض المخطوطات القرآنية العديدة التي تمت مناقشتها هنا (و التي يجب أن يعود تاريخ العديد منها إلى الفترة الأموية المبكرة)، يبدو من غير المرجح أن يكون هذا النموذج الأصلي المكتوب قد تم توحيده في وقت متأخر جدا عن وقت حكم عثمان (رضوان الله عليه)، و بالتالي يمكن اعتبار أن الحقائق تأكد الرواية الإسلامية التقليدية بدقة شديدة.
النص العثماني
ساهم العمل الرائد على طرس صنعاء من قبل صادقي و بيرغمان (المرجع صادقي و بيرغمان Bergmann 2010)، و لاحقا صادقي و غودارزي (المرجع صادقي و غودارزي Goudarzi 2012)، بشكل كبير في فهم أفضل للتأريخ النصي للقرآن. و قد سمح لهم استخدامهم للعلم الجذري (إعادة بناء عملية نقل النص في مخطوطة ما، على أساس علاقتها بمخطوطات أخرى) النظر إلى النص السفلي (ما تم مسحه) من طرس صنعاء، و بالتالي إثبات أن نصه يجب أن ينحدر من نوع نص مختلف عن ذلك الذي يعتبر عموما نوع النص العثماني، و علاوة على ذلك، للتأكيد على أن بعض النصوص القرآنية المنسوبة إلى "مصاحف الصحابة" يمكن اعتبارها أنواعا بديلة من النصوص. وبالمثل، يجب اعتبار طرس صنعاء، مع العديد من المتغيرات اللافتة للنظر (و التي غالبا ما تتفق مع مصاحف الصحابة الغير عثمانية)، كنوع نص منفصل.
يعرف صادقي نوع النص العثماني بأنه يتفق مع نص طبعة القاهرة للقرآن عام 1924، و هو تقليد "يقال إنه بدأ مع نشر المخطوطات العثمانية كأسلاف لجميع المخطوطات في التقليد النصي"، و تتفق جميع هذه المخطوطات على:
الغالبية العظمى من المخطوطات القرآنية المعروفة (جميعها باستثناء طرس صنعاء، في الواقع) هي من نوع النص العثماني، و لا توجد سوى اختلافات طفيفة في هذا النوع من النصوص. تطورت خلافات أكبر حول كيفية قراءة القرآن في تقاليد القراءة، ولكن ليس لها تأثير يذكر في الوحدة الشاملة الواضحة و المتسقة لنوع النص العثماني. و مع ذلك، فقد أدى السؤال حول مدى قدم هذا النوع من النصوص الموحدة إلى مناقشات مثيرة للجدل بين الأكاديميين في العقود الأخيرة، و القلق العام بشأن متى تم الانتهاء من النص بالضبط، يتخلل الكثير من الكتابة حول هذا الموضوع.
اقترح دونر Donner (المرجع دونر و رينولدز Reynolds 2008: 31) أن أحد الأسئلة الخمسة الأكثر أهمية و التي يتم تقديمها حاليا لعلماء القرآن هو ما إذا كان هناك نموذج نصي مبكر للقرآن الحالي أم لا؟ جادل وانبوره Wansbrough (المرجع ونبوره 1977) بأن القرآن لم يتم تجميعه إلا بعد مائتي أو ثلاثمائة عام من وفاة النبي (ﷺ)، في حين جادل بيرتون Burton (المرجع بيرتون 1977) بأنه تم تجميعه من قبل النبي (ﷺ) نفسه و ليس من قبل عثمان. منذ ذلك الحين، قام العديد من المؤلفين بتقييم هذه الأسئلة، ولكن لم يظهر إجماع واضح. سيناء Sinai (المرجع سيناء 2014 أ: 276) يتحدث عن "نموذج قانوني ناشئ"، و هو يفضل إغلاق النص القرآني المستلم في حوالي 700 ميلادية، بدلا من التاريخ التقليدي لحوالي 650 ميلادية. يقدم سيناء Sinai العديد من الحجج المضادة و التي تم اقتراحها، ولكن في دفاعه عن التاريخ التقليدي في الجزء الثاني من المقال (المرجع سيناء 2014 ب: خاصة 520 ف)، يعترف أنه من الصعب معرفة ما إذا كانت بعض الأجزاء لم يتم تصحيحها أو إضافتها حتى حوالي 700 ميلادية.
يعبر نوورث Neuwirth عن عدم يقين مماثل، و يقترح أن السيناريو التقليدي للاصدار العثماني هو "... معقول وإن لم يكن من الممكن إثباته" (مرجع نوورث 2003: 11).
شرع موتسكي (المرجع موتسكي 2001) في إثبات السرد التقليدي من خلال تتبع روايات هذه المجموعة من خلال طريقة الإسناد مع المتن، و يعبر عن تشاؤمه بشأن فائدة المخطوطات في المساعدة على تأريخ تدوين القرآن، مؤكدا أن "الطابع المجزأ لمعظم أقدم المخطوطات القرآنية لا يسمح لنا أن نستنتج على وجه اليقين أن أقدم المصاحف يجب أن يكون لها نفس الشكل، الحجم و المحتوى مثل تلك اللاحقة. و بالتالي لا يبدو أن المخطوطات مفيدة (حتى الآن) فيما يتعلق بقضيتنا" (المرجع موتسكي 2001: 2).
في السنوات الأخيرة، قدم المؤلفون العديد من الحجج القوية التي تتحدث لصالح التنقيح المبكر لنوع النص العثماني. الأدبيات التقليدية حول الرسم من المخطوطة العثمانية صادقة بشأن العديد من التفاصيل الدقيقة. وفقا لصادقي، من غير المرجح أن يكون مخطئا بشأن افتراضه الأساسي الرئيسي: تجميع القرآن من قبل عثمان (صادقي و بيرغمان 2010: 366 ف). تعتمد هذه الحجة إلى حد كبير على المقال الرائد الذي كتبه كوك Cook (المرجع كوك و ليفاديس Lividas 2004)، و الذي يوضح أن المتغيرات في الرسم و التي تم الإبلاغ عنها للمخطوطات الإقليمية المختلفة للكوفة و البصرة و دمشق و المدينة المنورة من قبل عثمان بن سعيد الداني في كتابه "المقنع في رسم مصاحف الأمصار" تشكل سياقاً. يبين كوك، على سبيل المثال، أن المصحف الدمشقي له العديد من القراءات الفريدة، و يشترك في العديد من القراءات الأخرى مع مصحف المدينة، لكنه لا يشترك أبدا في المتغيرات مع المصحف الكوفي أو المصحف البصري. تشير هذه الأنماط بوضوح إلى أن نقل و إدخال هذه المتغيرات يشير فقط إلى حوالي سبعة أنواع مختلفة ممكنة من السياقات stemmata، و أنها تتفق مع رواية نقل النص. و نظرا لأن العلماء المسلمين في العصور الوسطى لم يكن لديهم أي مفهوم عن علم الجذري، فإن حقيقة ظهور مثل هذا النمط تقود كوك إلى استنتاج أنه "علينا أن نتعامل مع الانتقال الحقيقي من النموذج الأصلي" (2004: 104).
و بما أنها لا تستند إلى مخطوطات فعلية و لا يقارنها كوك بالمخطوطات، فإن التقارير التي أنتجها الداني يمكن أن تكون حول أي مجموعة من المخطوطات المترابطة و المنسوخة من بعضها البعض، و ربما لم يكن لها بالضرورة أي علاقة بمصاحف الأمصار، إن وجدت أصلا. و مع ذلك، ان فرضية كوك و كون النموذج الأصلي يجب أن يكون مبكرا جدا، واضح بالتأكيد من عمل داتون Dutton على أقدم مخطوطة قرآنية و Or. 2165 (المتحف البريطاني)، و كلاهما مخطوطات قرآنية حجازية مبكرة و تظهران جميع أنواع المتغيرات في المصحف السوري، ولكن لم ينسب أي منها إلى المصاحف الأخرى، كما أفاد الداني (المرجع دوتون 2001 و دوتون 2004). لذلك لابد أن يستند تقرير الداني إلى واقع يمكن تأكيده في تقليد المخطوطات.
تقدم حجج كوك، جنبا إلى جنب مع تأكيدها على أدلة المخطوطة، حجة قوية لتدوين و توزيع مبكر للغاية لنوع النص العثماني. و من ثم فهو يتسق مع السرد التقليدي لتدوين و توزيع المخطوطات الإقليمية الأربعة. بينما أجد حجج كوك مقنعة، يبدو أنها مرت إلى حد كبير دون أن يلاحظها أحد، أو لم يتم اعتبارها مقنعة تماما. لذلك أود أن أقدم حجة أخرى تشير إلى نموذج أصلي مكتوب لنوع النص العثماني و الذي، علاوة على ذلك، يظهر أن هذا النوع من النص تم نسخه باستمرار من نموذج مكتوب و لم يتم نقله، كما يمكن تخيله، من خلال الإملاء أو النقل الشفوي.
الخصوصيات الإملائية
كما هو مذكور في القسم السابق، من حيث ترتيب السورة و ترتيب الآيات و حتى الصياغة المحددة، فإن جميع المخطوطات القرآنية، باستثناء واحدة، تنتمي إلى نفس نوع النص العثماني. ومع ذلك، ما لا يزال غير واضح هو كيف تم نقل هذا النوع من النص و متى تم إنشاؤه في شكله الثابت؟ لا يمكن العثور على إجابة محددة لهذا السؤال من خلال فحص الأدبيات الإسلامية، بل يجب أن تستند إلى دراسة نصوص المخطوطات القرآنية المبكرة. يظهر الفحص الدقيق لهذه المخطوطات أنه حتى الرسم المحدد بكل خصوصياته الإملائية يشير إلى نموذج أصلي واحد و مكتوب، تم نسخه من مصحف إلى آخر من خلال النسخ من نموذج مكتوب.
حتى الفحص السريع لطبعة القاهرة من القرآن يكشف عن العديد من التهجئات التي لا تتوافق مع قواعد الإملاء العربية الكلاسيكية. يمكن أن تكون هذه التهجئات في طبعة القاهرة ببساطة إعادة إنتاج الخصوصيات الإملائية المتحجرة و التي نشأت في الممارسات الإملائية ما قبل الكلاسيكية. لكن بعض هذه التهجئات غير القياسية و ما قبل الكلاسيكية تبدو في تباين حر. و تشمل ثنائيات مثل رحمة الله (تهجئة كل من رحمت و رحمة) نعمة الله (نعمت و نعمة)، جزاء سيئة (جزوا سيئة، جزا سيئة) ، و الملا (الملوا، الملا). تحدث مثل هذه الخصوصيات الإملائية بشكل متكرر في القرآن. عندما نجد مثل هذه الاختلافات في التهجئة، يجب أن نستنتج أنها لا تحمل أي قيمة لغوية، لأنها تعبر عن نفس العبارة بالضبط و بنفس المعنى. و يبدو أن هذه الاختلافات الإملائية تعزى إلى تقدير الناسخ.
ولكن هذه الخصوصيات الإملائية تعني لنا أكثر بكثير من مجرد إنعكاس أهواء الناسخ. فهذه الخصوصيات الإملائية تسمح لنا لنبين أن المخطوطات القرآنية تعود إلى نموذج أصلي مكتوب واحد و تم نسخ كل هذه الوثائق منه. إذا لم تنحدر مخطوطتان بالنسخ من نموذج أصلي واحد، فلن نتوقع حدوث نفس التهجئة في نفس الموقع بالضبط مرارا و تكرارا. ومع ذلك، هذا هو بالضبط ما نجده: تحدث تهجئات شديدة الخصوصية مرارا و تكرارا في نفس الموقع بالضبط عبر جميع المخطوطات القرآنية المبكرة. لا يمكن أن يكون هذا الاختلاف إلا نتيجة نقل كتابي دقيق.
مثال: "نعمة الله"
من المواضع الجيدة لإظهار كيف أن الخصوصيات الإملائية تشير إلى نموذج أصلي مكتوب، هو من خلال الأسماء المؤنثة في حالة الاضافة. فبينما في قواعد الإملاء القرآنية، عادة ما تنتهي الأسماء المؤنثة بالتاء المربوطة (ة)، كما هو الحال في قواعد الإملاء العربية الفصحى، فإن نسبة كبيرة إلى حد ما (حوالي 22 في المائة) من التركيبات المؤنثة تكتب بالتاء المفتوحة (ت) بدلا من ذلك. بالنسبة لبعض العبارات الشائعة، يكون التوزيع بين هذين الشكلين متساويا تقريبا، و بالنسبة لبعض العناصر المعجمية، تكون هي التهجئة الوحيدة الموثقة. فالعناصر التي يكون فيها الشكلان سائدين على قدم المساواة هي مكان جيد بشكل خاص لإظهار أن الخصوصيات الإملائية يتم استنساخها باستمرار. يقدم الجدول 1 نظرة عامة على الأسماء المؤنثة و التي لها تناوب بين (ة) و (ت) في التهجئة، أو لها تهجئة (ت) فقط.
الجدول 1 تركيبة مؤنثة مع (ت) في القرآن
المترجم: الرجاء مراجعة رابط المقال
سأركز هنا على العنصر المعجمي الأكثر شيوعا، علاوة على ذلك، له توزيع متساو تماما تقريبا للتهجئتين، و هما في كلمة نعمة. هذه الكلمة تأتي اضافة إما الى كلمة الله أو ربك او ربكم. الاسم الذي يتم اضافته الى كلمة "نعمة" لا علاقة له باختيار التهجئتين، و يحدث تهجئته في كلا الاتجاهين أمام أي من الاسمين في طبعة القاهرة.
المخطوطات
تم فحص تهجئة "نعمة" مكررا في 23 موضع في القرآن عبر 14 مخطوطة قرآنية. في الجدول 1، تم استخدام اختصارات لهذه المخطوطات. النظرة العامة التالية تقدم بعض المعلومات حول هذه المخطوطات. تم أخذ هذه المعلومات من موقع Corpus Coranicum (www.corpuscoranicum.de)، ما لم يذكر خلاف ذلك على وجه التحديد.
المترجم: للاطلاع على النظرة العامة لبوتين، الرجاء مراجعة النسخة الانجليزية (الاصلية).
النتائج
يوضح الجدول 2 تهجئة كلمة "نعمة" كما تشهد عليها المخطوطات التي تم فحصها. ترد رمز المخطوطات القرآنية على المحور الأفقي، حيث تشير C إلى طبعة القاهرة، و عموديا هي المواقع ال 15 لتهجئة كلمة "نعمة" بالتاء المربوطة (ة) و التاء المفتوحة (ت)، و تدل على التهجئة "نعمة" و "نعمت" على التوالي.
الجدول 2 توزيع نوعين من الهجاء لعبارة "نعمة الله"
المترجم: الرجاء مراجعة رابط المقال
كما يتضح من الجدول 2، هناك علاقة قوية للغاية بين موقع التهجئة الخاصة في طبعة القاهرة و المخطوطات القرآنية السابقة. عدى موقعين فقط، Q 16:114 و Q 37:57، لا يظهر أي خلاف على الإطلاق. لا يمكن أن يعزى هذا الاتساق الكبير إلى الصدفة.
في حالة Q 16:114، تختلف مخطوطة واحدة فقط مع النمط العام، في حين أن المخطوطات السبع الأخرى و التي تم فحصها و التي تم إثبات هذا النموذج، تستخدم جميعها التهجئة الموجودة في طبعة القاهرة.
أم في حالة Q 37:57، فإن مخطوطتين لهما نفس نمط طبعة القاهرة، لكن الأربعة الآخريات لديهم جميعا تهجئة نعمت الله. يبدو أن طبعة القاهرة هنا مبتكرة جنبا إلى جنب مع W و Zid.
هناك مشكلة أخرى: تهجئة Q 2: 231 في K تختلف عن بقية المخطوطات. لكن من الواضح أن هذه الصفحة مكتوبة بخط متأخر جدا عن الصفحات الأخرى من هذه المخطوطة، لذلك لا ينبغي أن يهمنا ذلك. لدى Zid نفس الوضع بسبب خط متأخر جدا في Q 35: 3، ولكن في هذه الحالة يتوافق تهجئتها مع المخطوطات الأخرى.
الأثار و النتائج
لا يوجد سوى تفسير واحد محتمل للاتفاق القوي بين العديد من المخطوطات القرآنية المختلفة مع التهجئتين المحتملتين لكلمة "نعمة": يجب أن يكون هناك نموذج أصلي وحيد و مكتوب تنحدر منه جميع المخطوطات القرآنية من نوع النص العثماني. و بالنظر إلى التاريخ المبكر المحتمل للعديد من هذه المخطوطات (النصف الثاني من القرن السابع)، فمن غير المرجح أن يكون للنموذج الأصلي لنوع النص "العثماني" تاريخ متأخر عن التاريخ المعتمد في التقليد - في عهد عثمان رضوان الله عليه (24-34 ه). حتى أن إسناد النص العثماني إلى "مشروع المصاحف الثاني" خلال ولاية الحجاج (رحمه الله 75-95 هجرية) يصعب قبوله. لا تشير أي من الروايات إلى مثل هذا التغيير الجذري خلال هذا المشروع، و العديد من المخطوطات التي تم فحصها هنا لها نطاقات زمنية أعلى في تأريخها الكربوني و الذي يسبق حكم الحجاج بعدة عقود. في حين أنه من المستحيل بالطبع إثبات أن التوحيد لم يحدث قبل عهد عثمان (رضوان الله عليه) على أساس هذه البيانات، فإن البيانات تتفق تماما مع الحساب التقليدي.
و النتيجة الثانية لهذه النتائج هي أنه منذ بداية توحيد النص، لابد لكل مخطوطة تنتمي إلى النص العثماني أن تكون قد نسخت من نموذج مكتوب. هذه الأنواع من الخصوصيات الإملائية هي بالضبط التي سيكون من المستحيل إعادة إنتاجها من خلال عملية الكتابة من الإملاء. و هذا النمط العام للنسخ القائم على النماذج المكتوبة من مخطوطة إلى أخرى يجب أن يكون قد استمر لعدة قرون. بينما ركزتُ في هذه الدراسة على أقدم المخطوطات القرآنية الممكنة، من الواضح أن هذه الأنماط استمرت في أوقات لاحقة، و إنحرفت عنها إلا بشكل ملحوظ في الفترة العثمانية باستخدام التهجئة الكلاسيكية. طبعة القاهرة هي عودة مقصودة و ناجحة للغاية إلى شكل الرسم الأصلي.
الخصوصيات الإملائية الأخرى
لقد درسنا التوزيع الخاص لتهجئة نعمت/نعمه، و أظهرنا أن هذا التوزيع يرتبط ارتباطا وثيقا عبر العديد من المخطوطات القرآنية المختلفة. يقدم هذا المثال أكثر من دليل كاف على وجود نسخة مكتوبة أصلية تنبع منها جميع المخطوطات القرآنية الأخرى، و أن جميع المخطوطات القرآنية من نوع النص العثماني قد التزمت بالكتابة ليس من الذاكرة، أو النسخ من الإملاء، ولكن تم نسخها من نسخة مكتوبة سابقة.
نعمت/ نعمة ليست العبارة الوحيدة التي يرتبط تهجئتها ارتباطا وثيقا عبر العديد من المخطوطات القرآنية المختلفة. جميع العبارات الأخرى ذات البنية المؤنثة و التي لها تهجئة مماثلة ترتبط بشكل مستمر، على سبيل المثال، رحمت/ رحمة و لعنة/ لعنت إلخ.
هناك أنواع أخرى من الخصوصيات الإملائية مثل تهجئة كلمة "جزاء"، و التي عادة ما يتم تهجئتها "جزا"، ولكنها تظهر مكتوبة "جزاو" مرارا و تكرارا في خمسة أماكن محددة: Q 5:29، 33، Q 42:40، Q20:76 و Q 39:34. و بالمثل من المستحيل فهم هذا التوزيع المحدد دون افتراض نسخ المصاحف من النماذج المكتوبة.
نقطة أخرى من الاختلاف الإملائي هي كلمة "الملأ"، مكتوبة "الملا" اثنتي عشرة مرة، ولكن في أربعة مواضع في طبعة القاهرة يتم تهجئتها الملوا (Q 23:24 ، Q 27:29 ، Q 27:32 ، Q 27:38). كل مخطوطة قرآنية مبكرة قمت بفحصها تتفق على أنه يجب تهجئتها على هذا النحو، بينما يتم تهجئة الباقي بالطريقة العادية "الملا".
و مع ذلك، من المهم أن نلاحظ أنه لا يمكن إرجاع جميع الخصوصيات الإملائية كما وردت في طبعة القاهرة إلى هذه المخطوطات المبكرة. على سبيل المثال "دعوا الكفرين" Q 40:50 مكتوبة بشكل مطابق ل Q 13:14 "دعا الكفرين" في جميع المخطوطات القرآنية المبكرة التي فحصتها. و هكذا يبدو أن التهجئة مع "واو و الف" هي ابتكار لاحق.
علاوة على ذلك، لم يتم نقل جميع الخصائص الإملائية للنص العثماني بدقة حتى طبعة القاهرة. على سبيل المثال، يتم تهجئة ابرهم/ابرهيم كما في كلمة "ابراهيم" على شكل "ابرهم" في Q 2 من طبعة القاهرة. و رغم أن هذه التهجئة أكثر عشوائية، ولكنها مرتبطة داخليا ارتباطا وثيقا في جميع المخطوطات القرآنية المبكرة.
إن تحديد مثل هذه الخصوصيات الإملائية المشتركة بين هذه المخطوطات القرآنية المبكرة هو خطوة لا غنى عنها في دراسة النص القرآني، و ضروري لإنشاء طبعة نقدية من الرسم، و إعادة بناء النموذج العثماني. إن تحديد مثل هذه الخصوصيات، و ربما العثور على الأماكن التي تنحرف فيها المخطوطات اللاحقة بوضوح عن المعايير السابقة سيسمح لنا بإعادة بناء الاتجاهات و التطورات في قواعد الإملاء للمخطوطات القرآنية اللاحقة، و قد يسمح لنا حتى بتأكيد و/ أو تحديد المزيد من مساقات المخطوطات القرآنية المبكرة و التي حددها كوك (المرجع كوك و ليفاديس 2004) من أجل الحصول على فهم أفضل لانتشار و تطور النص القرآني.
قضية النص الكامل للكلمة الداخلية ( آ)
المشكلة الأخيرة التي يتم التركيز عليها بسبب فحص الاستنساخ المتسق للغاية للخصوصيات الإملائية في المخطوطات القرآنية المبكرة هي مسألة النص العام للكلمة التي يتخللها/يدخل عليها رمز (آ) أو حرف (آ) كاملة. فكما رأينا في هذا البحث، لا يحافظ النص العثماني على ترتيب الكلمات و ترتيب الآيات و ترتيب السور بشكل مثالي فحسب، بل يحافظ أيضا و باستمرار على اختلافات إملائية خاصة للغاية، لابد من تواجدها في النموذج العثماني. و نظرا للانتقال المتسق و بشكل لافت للنظر لهذه الميزات الخاصة، فمن المدهش للغاية أنه عندما يتعلق الأمر بالتهجئة المعيبة (المختصرة) لرمز الحرف (آ)، يبدو أن هناك تباينا حراً إلى حد ما بين الاحتمالين عبر المخطوطات القرآنية في بيئات معينة.
استحوذ هذا الاختلاف الحر على انتباه ديروش Déroche (المرجع ديروش 2009، ديروش f2014:25) الذي فحص الاختلافات الإملائية الداخلية للعديد من العناصر المعجمية في أقدم مخطوطة قرآنية و العديد من المخطوطات القرآنية المبكرة الأخرى. و يخلص إلى أن المعاملة غير المتسقة بين الكتبة تشير إلى أن كتبة أقدم مخطوطة قرآنية كانوا يقومون بترقية قواعد الإملاء نحو نص مُشَكَّل مقارنة بالنموذج الذي كانوا يعملون منه. من غير الواضح ما إذا كان النموذج الذي تم نسخ المخطوطة القرآنية القديمة منه قد استخدم النص المُشَكَّل بشكل غير منتظم، ثم تم استنساخه بدقة من قبل الكتبة، أو ما إذا كان الكتبة يقومون بالفعل بترقية الرسم كما يقترح ديروش، نحو الحصول على المزيد من النصوص المُشَكَّلّة. تجدر الإشارة إلى أن لابد من وجود درجة معينة على الأقل من النص المُشَكَّل في النموذج العثماني الأصلي.
على سبيل المثال، هناك اتفاق عالمي على أن جميع الجذور التي تشمل الحرف (آ) مكتوبة كاملة. لا يوجد شكل جذري آخر يعرض مثل هذا التهجئة المتسقة للكلمة التي تضم الحرف (آ). تم شرح هذا التوزيع بشكل مقنع بواسطة دييم Diem (المرجع دييم 1976: 258 ف و المرجع دييم 1979: 251 ف). و يشير إلى أنه في الخط الآرامي النبطي (سلف الخط العربي) لم تكن هناك طريقة لكتابة الحرف (آ) داخل الكلمة. لذلك يجادل بأن التهجئة الكاملة للحرف (آ) هي ابتكار من قواعد الإملاء الحجازية (القرآنية). و يشير إلى أن هذا قد حدث بسبب فقدان كلمة الهمزة الداخلية، فتليها إطالة تعويضية. نتيجة لذلك، ستتحول الأسماء التي بها الحرف (أ) إلى الحرف (آ)، و بالتالي ينتهي بها الأمر إلى الحصول على شكل مشابه للأسماء التي كان لها بالفعل الحرف (آ). على هذا النحو، كانت هناك أسماء تحمل الحرف (آ)، بعضها يحتوي على تهجئة مع ألف بينما يفتقر البعض الآخر إليها. تم تعميم التهجئة مع الألف لاحقا على جميع الأسماء من هذا الشكل، بغض النظر عما إذا كانت تحتوي في الأصل على همزة أم لا. يمكن تمثيل ذلك بشكل تخطيطي على النحو التالي:
المترجم: الرجاء مراجعة رابط المقال
في المرحلة الثالثة، يجب اعتبار تهجئة نار مع الألف بشكل أساسي شبه تاريخي. نظرا لعدم وجود طريقة للتمييز بين كلمات التي تحتوي الحرف (آ) و أسماء تحتوي الحرف (آ)، فقد تمت كتابة كل كلمة بهذا الشكل بحرف الألف.
فقط بعد اكتمال التعميم (باستثناء الفعل قال)، انتشرت هذه الأداة الإملائية الجديدة لكتابة الكلمة الداخلية (آ) إلى أشكال لا يمكن أن يكون لها همزة في هذا الموضع، مثل أشكال الأسماء التي تشمل الحرف الف و الحرف (آ). يبدو أن قواعد الإملاء التي نجدها في المخطوطات القرآنية المبكرة و كذلك في طبعة القاهرة من القرآن في طور انتقالي نحو الكتابة الكاملة لمثل هذه الأسماء، حيث يبدو أنه اختياري بشكل أساسي سواء كانت (آ) مكتوبة أم لا. عندما نقارن مثل هذه التهجئات عبر المخطوطات القرآنية المبكرة، على سبيل المثال أحد الأسماء التي درسها ديروش في أقدم المخطوطات القرآنية، و هي كلمة "عباد"، نجد أنه حتى المخطوطات التي هي كلها جزء من نوع المخطوطة السورية (أي المخطوطة القرآنية القديمة، Or. 2165 و We II 1913) يبدو أن هناك اختلافا حرا عبر المخطوطات، و لا يبدو أن المواضع التي تظهر فيها مرتبطة على الإطلاق.
الجدول 3 يجدول جميع تكرارات كلمة "عباد" في جميع المخطوطات الثلاث. كما يمكن أن نرى، لا يوجد اتفاق أو اتجاه واضح بين هذه المخطوطات الثلاث، مما يدل على أن وجود أو عدم وجود الألف لا يبدو فريدا من نوعه بالنسبة للمخطوطات السورية. يبقى هذا الاتجاه كما هو عندما نقوم بتضمين مخطوطات من نوع الكوفي أو البصري أو المدني.
الجدول 3 تهجئة كلمة "عباد"
المترجم: الرجاء مراجعة رابط المقال
لذلك في حين أن هناك العديد من الأمثلة على الخصوصيات الإملائية التي تم استنساخها بأمانة لمئات السنين في المخطوطات القرآنية، يبدو أن تقليد الكتابة الذي أنتج هذه النسخ لم يضع أي قيمة على الاستنساخ الدقيق للخصوصية الإملائية المحددة لكتابة كلمة (آ) مع ألف أم لا.
حتى لو افترضنا أن ديروش صحيح و أن الكتبة كانوا في الأساس "يطورون" قواعد الإملاء للنموذج الذي كانوا ينسخون منه، لا يمكننا أن نفترض أنه كلما كانت المخطوطات المبكرة في خلاف مع بعضها البعض، فإن التهجئة بدون ألف هي الأقدم. يبدو أن هناك "إهمالا" أكثر عمومية عندما يتعلق الأمر بالكلمات التي يدخل فيها الحرف الف، أيضا عندما لا تدل على (آ). على سبيل المثال، غالبا ما يتم تهجئة مايه (مائة) "ميه" و شاى (شيء) "شى". هنا أيضا لا يمكن للمرء أن يتحدث عن أي استنساخ أمين للخصوصيات الإملائية عبر العديد من المخطوطات القرآنية المبكرة. يفحص الجدول 4 تهجئة مايه (مائة) و مايتين (مائتي) عبر المخطوطات القرآنية المبكرة التي تم فحصها أعلاه. من الواضح هنا أنه لا يوجد نمط ثابت بين قواعد الإملاء لمخطوطات القرآن المختلفة.
الجدول 4 تهجئة "المئة"
المترجم: الرجاء مراجعة رابط المقال
و بعبارة أخرى، فإن الكلمات التي تدخل فيها الحرف الف و التي لا تدل بوضوح إلى (آ) لا يتم التحكم فيها في تقليد الكتابة الذي أنتج هذه المخطوطات القرآنية المبكرة. و مع ذلك، يتفق العلماء بشكل عام على أن التهجئة مع الألف في "المية" و "الشي" هي التهجئة القديمة، في حين أن التهجئة التي لا تحتوي عليها مبتكرة (المرجع دييم 1980: 103 ف). لذلك يبدو أن إضافة و إزالة كلمة "ألف" الداخلية كانت تعتمد على تقدير الناسخ نفسه. لذلك لا يبدو من المفيد، عند مناقشة قواعد الإملاء القرآنية، التفكير من حيث التهجئة القديمة و المبتكرة للألف. من الواضح أنه في زمن المخطوطات القرآنية المبكرة المتاحة لنا، كان كل من التهجئة القديمة و المبتكرة متعايشتين. لا يوجد سبب لافتراض أن هذا الوضع كان مختلفا في وقت كتابة النموذج العثماني قبل عدة عقود. كما لا يوجد سبب للاعتقاد بأنه عندما يتم إثبات تهجئة أو أخرى، يجب أن يكون للنموذج الأصلي العثماني الشكل القديم. و إلى أن تظهر أدلة أخرى، أو يتم التوصل إلى فهم أفضل لتذبذب كلمة "ألف" الداخلية، فمن السابق لأوانه التأكيد و الحديث عن ترقية قواعد الإملاء من نص مكتوب بشكل مختصر إلى نص مكتوب بشكل كامل.
في حين أن هذه القضية من الكتابة الكامل و المختصرة تمثل مشكلة لإعادة بناء رسم النموذج العثماني، يجب التأكيد على أن هذه القضية تؤثر فقط على أقلية من الكلمات التي تحتوي على كلمة داخلية (آ). فغالبية الكلمات ذات الكلمات الداخلية (آ) لها تهجئة يمكن التنبؤ بها في جميع المخطوطات القرآنية المبكرة و كذلك في طبعة القاهرة. تم تحديد بعض هذه المبادئ الإملائية بواسطة دييم Diem (المرجع دييم 1979: 255 ف)، و أنا ألخصها هنا. في بعض الأماكن قدمت إضافات إلى تعميمات دييم. و بما أن دييم استند في تعميماته حصريا إلى طبعة القاهرة، فإن أدلة المخطوطات تختلف أحيانا مع هذه التعميمات.
المترجم: للاطلاع على ملخص بوتين، الرجاء مراجعة النسخة الانجليزية (الاصلية).
يتضح هنا لماذا لا ينبغي إخضاع التهجئة لدراسة مخصصة لكل مخطوطة، بل يجب وضعها في دراسة مقارنة منهجية. فلا يمكننا البدء في إجراء استنتاجات معقولة حول أي ألف قد يكون إضافة لاحقة و أيه قد لا يكون، و لماذا، الا بعد أن نؤسس المبادئ الإملائية العامة.
الاستنتاج
أظهرت هذه الدراسة أن التهجئة الخاصة لبعض الكلمات لا ترجع إلى أهواء الناسخ، ولكنها مستنسخة بنفس التهجئة في جميع المخطوطات القرآنية المبكرة. الطريقة الوحيدة التي يمكن بها تفسير مثل هذا الاستنساخ المتسق هي بافتراض أن جميع المستندات التي تنتمي إلى النص العثماني تعود إلى نموذج أصلي مكتوب وحيد تم نسخ تهجئته بدقة من نسخة إلى أخرى، مما يدل على أن هذه النسخ كانت تستند إلى نموذج مكتوب.
المخطوطات التي تم فحصها في هذه الدراسة مبكرة بما فيه الكفاية، بحيث يكون تدوين النص العثماني متسقا تماما مع نسبته إلى مصدره التقليدي: عثمان بن عفان (رضوان الله عليه).
علاوة على ذلك، ناقشت هذه الدراسة الحالة المحيرة للتناوب بين الكتابة الكاملة (scriptio plena) و الكتابة المختصرة (scriptio defective). يبدو أنه لا يوجد نقل دقيق بشكل واضح عندما يتعلق الأمر بكتابة الألف في نصف الكلمة، كما في حالة الحرف/ الرمز (آ). و مع ذلك، فإن الأنماط و القواعد القابلة للتعميم توضح أن النموذج العثماني لم يكتب بالكامل مختصرا (scriptio defective). من المؤكد أن بعض الكلمات كانت ستكتب بشكل كامل بينما كان من الممكن كتابة كلمات أخرى بشكل مختصر، حتى في النموذج العثماني. قد يمنحنا الفحص الدقيق للأنماط عبر المخطوطات القرآنية المختلفة إحساسا أفضل بأنماط و تطور التهجئة الكاملة للحرف (آ) في المخطوطات القرآنية المبكرة.
رابط الدراسة: