في الرابع عشر من مايو سنة 2007، سمعت أجمل ما قيل في مواساة أهل الميت، و قيلت لزوجتي في الدقائق الأولى بعد وفاة أخيها عبدالله رحمه الله
إذ بُلِّغنا أن حالة أبو طلال حرجة، فاصطحبت زوجتي الى المستشفى على عجالة. و أثناء قيادتي للسيارة أتتني مكالمه بَرقِيَّه لم تستمر إلا ثوانٍ قيل لي فيها أن عبدالله قد إنتقل الى رحمة الله بعد طول عناء مع الفشل الكلوي
إستَفسَرَت زوجتي عن المكالمة، فأجبتها انها من فؤاد يُبلغني أن حالة عبدالله حرجة. كانت التجربة جديدة علي، لذا كتمت الخبر عنها بينما أُقَلِّب جميع الخيارات في الدقائق الأخيرة قبل وصولي للمستشفى، فليس كُل ما يُعرَف يُقَال. كانت هادئة و شاردة بفكرها، ترتكز نظراتها الى الأمام و الى نقطة فيها رَجاءُها، كما التائهة في المحيط. كانت في حالة لا تُحسَد عليها
لم أَرضَ لها الصدمة أمام الناس، و بمجرد أن إنتهيت من صَفِّ السيارة، مسكت بيدها و هي تحاول أن تنزل مسرعة و قُلتُ لها: عبدالله إِرتاح. لن أنسى نظرتها العاجزة عندما حدَّقت بي و تساءلت: كيف؟. فأعدت كلامي لأنني لم أجد أخف منها: عبدالله إرتاح. بَكَت و هي تحدق في عيني، و كان ما بها من حزن أضعاف ما عليها لرحيل أخاها الأكبر
بل رحل كتلة من الحنان تعجز كلماتي عن وصفها في أسطر، و لن أبالغ إن شَهدت و إعترفت أنه كان يُعَلمني و يُأَدبني و يُحبني بنظرات عينيه و أنا أَبْ! كانت عَيناه مِرآتي الصادقة، تعكس باعجاز حقيقتي بِشفافية و دون الحاجة إلى الكلمات الجارحة. لذا، كانت نصائح عينيه تَخْتَرق ذاتي و تسكن قلبي قبل عقلي. رحل مُرَبي الكبار، و ما أحوجني اليه و قد بلغت ٥٣
مَشينا في الممرات و على جدرانها صفوف صامةٌ لوجوه أعرفها، الى أن إنتهينا الى الغرفة في العناية المركزه حيث كان يستلقى، رحمه الله، على سرير المستشفى. وَقَفَتْ عند قدميه و هي تنظر اليه بدهشه، فَدَنَت منها المُعلمة غيداء و تكلمت بحكمة و ثقة و إعجاز أهل العراق و هي مبتسمه لتُلقِي علينا درساً جديداً في موقف يَعجز أغلبنا فيه عن النطق بكلمة و هي تردد على زوجتي: أُنظري اليه حبيبتي، إنه نائم. رأيت بأم عيني أثر كلماتها الشافيه على زوجتي
صَدَقَت و الله، أراه ينام بسلام في روضة من رياض الجنة
أبو طلال، الى أن نلتقي، إِبقَ جميلاً كما عَهِدتُك
في الرابع عشر من مايو سنة 2007، سمعت أجمل ما قيل في مواساة أهل الميت، و قيلت لزوجتي في الدقائق الأولى بعد وفاة أخيها عبدالله رحمه الله
إذ بُلِّغنا أن حالة أبو طلال حرجة، فاصطحبت زوجتي الى المستشفى على عجالة. و أثناء قيادتي للسيارة أتتني مكالمه بَرقِيَّه لم تستمر إلا ثوانٍ قيل لي فيها أن عبدالله قد إنتقل الى رحمة الله بعد طول عناء مع الفشل الكلوي
إستَفسَرَت زوجتي عن المكالمة، فأجبتها انها من فؤاد يُبلغني أن حالة عبدالله حرجة. كانت التجربة جديدة علي، لذا كتمت الخبر عنها بينما أُقَلِّب جميع الخيارات في الدقائق الأخيرة قبل وصولي للمستشفى، فليس كُل ما يُعرَف يُقَال. كانت هادئة و شاردة بفكرها، ترتكز نظراتها الى الأمام و الى نقطة فيها رَجاءُها، كما التائهة في المحيط. كانت في حالة لا تُحسَد عليها
لم أَرضَ لها الصدمة أمام الناس، و بمجرد أن إنتهيت من صَفِّ السيارة، مسكت بيدها و هي تحاول أن تنزل مسرعة و قُلتُ لها: عبدالله إِرتاح. لن أنسى نظرتها العاجزة عندما حدَّقت بي و تساءلت: كيف؟. فأعدت كلامي لأنني لم أجد أخف منها: عبدالله إرتاح. بَكَت و هي تحدق في عيني، و كان ما بها من حزن أضعاف ما عليها لرحيل أخاها الأكبر
بل رحل كتلة من الحنان تعجز كلماتي عن وصفها في أسطر، و لن أبالغ إن شَهدت و إعترفت أنه كان يُعَلمني و يُأَدبني و يُحبني بنظرات عينيه و أنا أَبْ! كانت عَيناه مِرآتي الصادقة، تعكس باعجاز حقيقتي بِشفافية و دون الحاجة إلى الكلمات الجارحة. لذا، كانت نصائح عينيه تَخْتَرق ذاتي و تسكن قلبي قبل عقلي. رحل مُرَبي الكبار، و ما أحوجني اليه و قد بلغت ٥٣
مَشينا في الممرات و على جدرانها صفوف صامةٌ لوجوه أعرفها، الى أن إنتهينا الى الغرفة في العناية المركزه حيث كان يستلقى، رحمه الله، على سرير المستشفى. وَقَفَتْ عند قدميه و هي تنظر اليه بدهشه، فَدَنَت منها المُعلمة غيداء و تكلمت بحكمة و ثقة و إعجاز أهل العراق و هي مبتسمه لتُلقِي علينا درساً جديداً في موقف يَعجز أغلبنا فيه عن النطق بكلمة و هي تردد على زوجتي: أُنظري اليه حبيبتي، إنه نائم. رأيت بأم عيني أثر كلماتها الشافيه على زوجتي
صَدَقَت و الله، أراه ينام بسلام في روضة من رياض الجنة
أبو طلال، الى أن نلتقي، إِبقَ جميلاً كما عَهِدتُك