تقوم الحضارات على التميز الإداري و تنتشر بالمصداقية
التميز الإداري و المصداقية جعلتا الإندونيسيين يعتنقون الإسلام حبا و كرامه لإنبهارهم باخلاق و قيم عدد قليل من التجار المسلمين. و قد قامت الحضارة الغربية الحديثه أيضا على التميز الإداري, الا أن فقدان المصداقية منعتها من الإنتشار بسبب سياسة الكيل بمكيالين. فالحضارة الغربية تعامل شعوبها بطريقة راقية في حين تسعى لتفتيت الامم الاخرى كمنافسين. نعم، المصداقية معدومة عندهم و هو السبب الرئيس في عدم إنجذابنا لحضارتهم الجميلة و المبهرة
لا ننكر بان مقومات التميز الإداري متجذرة في الثقافة الغربية، و الصحابي الجليل عمرو بن العاص رضي الله عنه شاهد على ذلك. فقد كان أكثر الصحابة التصاقا بالروم و كثير السفر إلى بلادهم و يتفاعل معهم. و الرجل جاب كل بلاد الأرض تقريبا إما كتاجر أو كقائد عسكري مرموق. إبن العاص رضي الله عنه كان ملم بأخلاق الروم، و نفسياتهم و خصالهم، وإنطلق من ذلك إلى تفسير و تحليل حديث الرسول، صلى الله عليه و سلم، و كأنه مركز للدراسات الإستراتيجية
ورد في صحيح مسلم باب الفتن عن المستورد يقول: تَقُومُ السَّاعَةُ و الرُّومُ أكْثَرُ النَّاسِ. فَقالَ له عَمْرٌو: أبْصِرْ ما تَقُولُ، قالَ المستورد: أقُولُ ما سَمِعْتُ مِن رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه و سلَّمَ، قالَ عمرو: لَئِنْ قُلْتَ ذلكَ، إنَّ فيهم لَخِصالًا أرْبَعًا: إنَّهُمْ لأَحْلَمُ النَّاسِ عِنْدَ فِتْنَةٍ، و أَسْرَعُهُمْ إفاقَةً بَعْدَ مُصِيبَةٍ، و أَوْشَكُهُمْ كَرَّةً بَعْدَ فَرَّةٍ و خَيْرُهُمْ لِمِسْكِينٍ و يَتِيمٍ و ضَعِيفٍ، و خامِسَةٌ حَسَنَةٌ جَمِيلَةٌ: و أَمْنَعُهُمْ مِن ظُلْمِ المُلُوكِ
في هذا الحَديثِ بَيانُ عَلامةٍ من عَلاماتِ يومِ القيامةِ، و هي كثرةُ الرُّومِ عنْ غَيرِهم، و في هذا إشارة الى قوتهم و سيطرتهم. فلمَّا سَمعَ عمرُو بنُ العاصِ هذا الحديثَ منَ المُستورِدِ بنِ شَدَّادٍ قالَ لَه: (أَبصرْ ما تَقولُ)، أي: تأكَّدْ من الذي تقوله، و لما أكَّد له المُستورِدُ ما سَمِعَه منَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ و سلَّم، علَّل عَمرُو بنُ العاصِ رَضي اللهُ عنهُ سببَ كَثرَتِهم آخرَ الزَّمانِ بالصِّفاتِ الخمس
سبحان الله، عمرو بن العاص يعدد خصال و مميزات الروم الذين حاربهم و هزمهم و سلب منهم أعز البلاد على قلوبهم و هي مصر و الشام. و هذا هو الإنصاف للآخرين و العدل مع الخصوم. و هذا من باب إعطاء كل ذى حق حقه و ليس لانه منبهر باعينهم الزرقاء او بياض بشرتهم و شقار شعرهم كالشعوبيين، الذين ظهروا في العصر الاموي و كانوا يرون أن لا فضل للعرب على غيرهم من العجم بل قام بعضهم بتفضيل العجم على العرب والانتقاص منهم. و لم يكن عمرو شعوبياً، و إقرأ إن شئت عن موقفه رضي الله عنه في قوله تعالى
"يـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ كُونُوا۟ قَوَّ مِینَ لِلَّهِ شُهَدَاۤءَ بِٱلۡقِسۡطِۖ وَ لَا یَجۡرِمَنَّكُمۡ شَنَـَٔانُ قَوۡمٍ عَلَىٰۤ أَلَّا تَعۡدِلُوا۟ۚ ٱعۡدِلُوا۟ هُوَ أَقۡرَبُ لِلتَّقۡوَىٰۖ وَ ٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِیرُۢ بِمَا تَعۡمَلُونَ" المائده 8
الصحابى الشجاع ابن العاص يصف خصومه بالآتى
أولا، إنهم لأحلم الناس عند فتنة. يعني السياده لعقولهم، و فكرهم، و لا يفقدون اتزانهم عند الفتن و الملمات و الأحداث الجسام و الحروب أو النكبات
ثانيا، و أسرعهم إفاقة بعد مصيبة. يعني يخرجون من الحروب الكبرى المدمرة و يستعيدون مكانتهم الحضارية، و يعيدوا بناء دولهم، و يصححون أخطاءهم، و يستفيدون من دروس محنهم
ثالثا، أرحمهم لمسكين و يتيم و ضعيف. والحقيقة أن بلاد الغرب لا تكاد تجد فيها جائعًا أو فقيرًا أو يتيمًا دون رعاية، فكما قال الشيخ محمد عبده: هناك إسلام بلا مسلمين، و عندنا مسلمون ناقصو الإسلام
رابعا، و أوشكهم كرة بعد فرة. يعني يستعيدون قوتهم بسرعه، و يكرون على عدوهم بعد الهزيمة
و ما أعظم كلمتك يا عمرو و أنت تختم صفاتهم بقولك: وخامسة حسنة جميلة. و كأن هذه الصفة هى أعظم ما لديهم و أجملها، و هنا يصفهم عمرو بقوله (و أمنعهم من ظلم الملوك). سبحان الله، و كأنه يقرأ واقع الغرب اليوم، فلا يظلم الحاكم رعيته، و يعتبر نفسه خادماً لهم، و كأن هذه الصفه تأتى بالأخريات و تحفظها. فالعدل أساس الملك مصداقا لقوله تعالى
"وَلَقَدۡ كَتَبۡنَا فِی ٱلزَّبُورِ مِنۢ بَعۡدِ ٱلذِّكۡرِ أَنَّ ٱلۡأَرۡضَ یَرِثُهَا عِبَادِیَ ٱلصَّـٰلِحُونَ" الانبياء 105
و جوهر الصلاح هي صلاح الادارة و ليس صلاح الدين، و الدنيا ملك لمن يحسن ادارتها. يقول شيخ الاسلام ابن تيميه: تصلح الدنيا بالكفر و العدل و لا تصلح بالايمان و الظلم و ان الله ينصر الامة الكافرة العادلة على الامة المسلمة الظالمه
الاعتراف بجمال الحضارة الغربية لا يقلل من شاننا، بل يجعلنا على بصيرة من نقاط قوة منافسينا و يزيدنا حظا في منافستهم منافسة شريفه. يقول لويس التاسع ملك فرنسا (1226 الى 1270) بعد هزيمته في مصر و اسره لاكثر من شهر: لا يمكن الانتصار على المسلمين من خلال الحرب، و إنما الانتصار عليهم بواسطة السياسة و باتباع ما يلي
لذا، ناكد على ان الحضارات تقوم على التميز الاداري و تنتشر بالمصداقية، و فقدان المصداقية حالت دون انتشار الحضارة الغربية بشكل كبير
تقوم الحضارات على التميز الإداري و تنتشر بالمصداقية
التميز الإداري و المصداقية جعلتا الإندونيسيين يعتنقون الإسلام حبا و كرامه لإنبهارهم باخلاق و قيم عدد قليل من التجار المسلمين. و قد قامت الحضارة الغربية الحديثه أيضا على التميز الإداري, الا أن فقدان المصداقية منعتها من الإنتشار بسبب سياسة الكيل بمكيالين. فالحضارة الغربية تعامل شعوبها بطريقة راقية في حين تسعى لتفتيت الامم الاخرى كمنافسين. نعم، المصداقية معدومة عندهم و هو السبب الرئيس في عدم إنجذابنا لحضارتهم الجميلة و المبهرة
لا ننكر بان مقومات التميز الإداري متجذرة في الثقافة الغربية، و الصحابي الجليل عمرو بن العاص رضي الله عنه شاهد على ذلك. فقد كان أكثر الصحابة التصاقا بالروم و كثير السفر إلى بلادهم و يتفاعل معهم. و الرجل جاب كل بلاد الأرض تقريبا إما كتاجر أو كقائد عسكري مرموق. إبن العاص رضي الله عنه كان ملم بأخلاق الروم، و نفسياتهم و خصالهم، وإنطلق من ذلك إلى تفسير و تحليل حديث الرسول، صلى الله عليه و سلم، و كأنه مركز للدراسات الإستراتيجية
ورد في صحيح مسلم باب الفتن عن المستورد يقول: تَقُومُ السَّاعَةُ و الرُّومُ أكْثَرُ النَّاسِ. فَقالَ له عَمْرٌو: أبْصِرْ ما تَقُولُ، قالَ المستورد: أقُولُ ما سَمِعْتُ مِن رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه و سلَّمَ، قالَ عمرو: لَئِنْ قُلْتَ ذلكَ، إنَّ فيهم لَخِصالًا أرْبَعًا: إنَّهُمْ لأَحْلَمُ النَّاسِ عِنْدَ فِتْنَةٍ، و أَسْرَعُهُمْ إفاقَةً بَعْدَ مُصِيبَةٍ، و أَوْشَكُهُمْ كَرَّةً بَعْدَ فَرَّةٍ و خَيْرُهُمْ لِمِسْكِينٍ و يَتِيمٍ و ضَعِيفٍ، و خامِسَةٌ حَسَنَةٌ جَمِيلَةٌ: و أَمْنَعُهُمْ مِن ظُلْمِ المُلُوكِ
في هذا الحَديثِ بَيانُ عَلامةٍ من عَلاماتِ يومِ القيامةِ، و هي كثرةُ الرُّومِ عنْ غَيرِهم، و في هذا إشارة الى قوتهم و سيطرتهم. فلمَّا سَمعَ عمرُو بنُ العاصِ هذا الحديثَ منَ المُستورِدِ بنِ شَدَّادٍ قالَ لَه: (أَبصرْ ما تَقولُ)، أي: تأكَّدْ من الذي تقوله، و لما أكَّد له المُستورِدُ ما سَمِعَه منَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ و سلَّم، علَّل عَمرُو بنُ العاصِ رَضي اللهُ عنهُ سببَ كَثرَتِهم آخرَ الزَّمانِ بالصِّفاتِ الخمس
سبحان الله، عمرو بن العاص يعدد خصال و مميزات الروم الذين حاربهم و هزمهم و سلب منهم أعز البلاد على قلوبهم و هي مصر و الشام. و هذا هو الإنصاف للآخرين و العدل مع الخصوم. و هذا من باب إعطاء كل ذى حق حقه و ليس لانه منبهر باعينهم الزرقاء او بياض بشرتهم و شقار شعرهم كالشعوبيين، الذين ظهروا في العصر الاموي و كانوا يرون أن لا فضل للعرب على غيرهم من العجم بل قام بعضهم بتفضيل العجم على العرب والانتقاص منهم. و لم يكن عمرو شعوبياً، و إقرأ إن شئت عن موقفه رضي الله عنه في قوله تعالى
"يـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ كُونُوا۟ قَوَّ مِینَ لِلَّهِ شُهَدَاۤءَ بِٱلۡقِسۡطِۖ وَ لَا یَجۡرِمَنَّكُمۡ شَنَـَٔانُ قَوۡمٍ عَلَىٰۤ أَلَّا تَعۡدِلُوا۟ۚ ٱعۡدِلُوا۟ هُوَ أَقۡرَبُ لِلتَّقۡوَىٰۖ وَ ٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِیرُۢ بِمَا تَعۡمَلُونَ" المائده 8
الصحابى الشجاع ابن العاص يصف خصومه بالآتى
أولا، إنهم لأحلم الناس عند فتنة. يعني السياده لعقولهم، و فكرهم، و لا يفقدون اتزانهم عند الفتن و الملمات و الأحداث الجسام و الحروب أو النكبات
ثانيا، و أسرعهم إفاقة بعد مصيبة. يعني يخرجون من الحروب الكبرى المدمرة و يستعيدون مكانتهم الحضارية، و يعيدوا بناء دولهم، و يصححون أخطاءهم، و يستفيدون من دروس محنهم
ثالثا، أرحمهم لمسكين و يتيم و ضعيف. والحقيقة أن بلاد الغرب لا تكاد تجد فيها جائعًا أو فقيرًا أو يتيمًا دون رعاية، فكما قال الشيخ محمد عبده: هناك إسلام بلا مسلمين، و عندنا مسلمون ناقصو الإسلام
رابعا، و أوشكهم كرة بعد فرة. يعني يستعيدون قوتهم بسرعه، و يكرون على عدوهم بعد الهزيمة
و ما أعظم كلمتك يا عمرو و أنت تختم صفاتهم بقولك: وخامسة حسنة جميلة. و كأن هذه الصفة هى أعظم ما لديهم و أجملها، و هنا يصفهم عمرو بقوله (و أمنعهم من ظلم الملوك). سبحان الله، و كأنه يقرأ واقع الغرب اليوم، فلا يظلم الحاكم رعيته، و يعتبر نفسه خادماً لهم، و كأن هذه الصفه تأتى بالأخريات و تحفظها. فالعدل أساس الملك مصداقا لقوله تعالى
"وَلَقَدۡ كَتَبۡنَا فِی ٱلزَّبُورِ مِنۢ بَعۡدِ ٱلذِّكۡرِ أَنَّ ٱلۡأَرۡضَ یَرِثُهَا عِبَادِیَ ٱلصَّـٰلِحُونَ" الانبياء 105
و جوهر الصلاح هي صلاح الادارة و ليس صلاح الدين، و الدنيا ملك لمن يحسن ادارتها. يقول شيخ الاسلام ابن تيميه: تصلح الدنيا بالكفر و العدل و لا تصلح بالايمان و الظلم و ان الله ينصر الامة الكافرة العادلة على الامة المسلمة الظالمه
الاعتراف بجمال الحضارة الغربية لا يقلل من شاننا، بل يجعلنا على بصيرة من نقاط قوة منافسينا و يزيدنا حظا في منافستهم منافسة شريفه. يقول لويس التاسع ملك فرنسا (1226 الى 1270) بعد هزيمته في مصر و اسره لاكثر من شهر: لا يمكن الانتصار على المسلمين من خلال الحرب، و إنما الانتصار عليهم بواسطة السياسة و باتباع ما يلي
لذا، ناكد على ان الحضارات تقوم على التميز الاداري و تنتشر بالمصداقية، و فقدان المصداقية حالت دون انتشار الحضارة الغربية بشكل كبير