كنت في الصف الثالث الإعدادي عندما رتَّبَت لنا إدارة المدرسة رحلة مدرسية برفقة مدرسين اثنين . كنت اعشق تلك الرحلات و السعادة كانت تسبب لي نشوة يصعب التحكم بها . نشوة دفعتني هنا بالتحديد الى تحفيز أحد المعلمين في الباص ليهديني درسا خصوصيا عمليا و مؤثر جدا
كنت اجلس خلف المدرس مباشرة و غترته متدلية امامي. كان المنظر مغريا فقمت بسحب غترة الأستاذ للاسفل. شعرت بالعظمة و الأستاذ يضبط غترته في حين يضحك زملائي. لم اتمالك نفسي و شعرت برغبة الى المزيد من الشهرة فقمت مجددا بسحب الغترة، الا ان النتيجة اتت مغايرة هذه المرة. فلم يلبث ان قام المدرس من كرسيه و التفت الي ليسطر كَفَّا آشوريا على وجهي و كف سامرائيا على وجه زميلي المبتسم و هو يزئر قائلا
"انا عراقي مب مصري"
كان الكف بمثابة درس خصوصي مؤثر في نقل تظاريس العراق و تاريخه القديم و الحديث من يده البابليه إلى ما تبقى من مخي المهروس. و كان الكف أيضا درسا فعالا في صراع الحضارات، فلن أنسى ابدا الدهشة التي ارتسمت على وجه الأستاذ الثاني معنا في الباص و هو من جمهورية مصر العربية الشقيقة
أدركت يومها، اذا كانت العملية التعليمية تهدف الى نقل العلوم من جيل إلى جيل بطرق مختلفة، منها الشفاهيه و الكتابيه و العمليه فخبرتي الشخصية تاكد هنا ان الطرق العمليه اكثرها تأثيرا
